لودريان يحمل رسالة «شديدة اللهجة» للمعرقلين.. والحريري ينتظر: قمحة ام شعيرة؟

  

الصورة المشوشة التي سبقت وصول وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت أمس، دفعت بالبعض الى الذهاب باحتمالات، الى ما يتعدى اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري عن متابعة العراك على حلبة تشكيل الحكومة، وتحديدا الى احتمال استقالة نواب المستقبل الخمسة عشر من المجلس النيابي، لفرض إجراء انتخابات مبكرة، لحاقا بموكب الحلفاء القدامى المنادين به، كالقوات اللبنانية والكتائب، وكأفضل وسيلة للتخلص من الرئيس ميشال عون، ومن ارثه السياسي الطامح للاستمرارية، على الرغم من تجاربه الفاشلة.


وينتظر الرئيس المكلف جلاء الغموض الذي يلف زيارة الوزير الفرنسي، ونتائجها، وما قد تكون: قمحة ام شعيرة؟


وقبل توجهه إلى بيروت، قال وزير الخارجية الفرنسي على تويتر إنه سيتجه إلى لبنان اليوم حاملا «رسالة شديدة اللهجة» إلى السياسيين، محذرا «سنتعامل بحزم مع الذين يعرقلون تشكيل حكومة لبنانية جديدة، والإجراءات التي اتخذتها باريس بشأن معرقلي تشكيل الحكومة اللبنانية ليست سوى البداية».


وأوضح مصدر وزاري لبناني لـ «الأنباء» ان «الوزير الفرنسي يأتي الى لبنان بعدما فشلت المحاولة الفرنسية الأخيرة بجمع الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في باريس، وهو يحضر بذات الوصفة التي سبق وطرحها الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل والتي تقول بوجوب ان يلتقيا، خاصة ان الحريري التقى كل القيادات والقوى النيابية والحزبية إما علنا او بعيدا من الإعلام».


وقال المصدر ان «أولوية لودريان جمع الحريري وباسيل تحت العين الفرنسية لتبيان خيط التعطيل الأسود من خيط التسهيل الأبيض، والأمر ينتظر موافقة الحريري على اللقاء، في ظل قناعة لبنانية عبر عنها أكثر من طرف وقيادي أبرزهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والثنائي الشيعي والبطريرك الماروني بشارة الراعي بضرورة حصول هذا اللقاء لأنه من دونه لن تتشكل حكومة وإذا تم اللقاء واتفقا تنتهي الأزمة الحكومية وإذا لم يتفقا نذهب في مسار آخر».


ولفت المصدر إلى انه «بدأت تتشكل شبه استحالة في استمرار الرئيس الحريري ممسكا بورقة التكليف إلى ما لا نهاية، مع انعدام كلي لأي انسجام ولو ظرفيا بينه وبين رئيس الجمهورية».


ورأى المصدر «ان زيارة لودريان هي المحاولة الأخيرة والإنذار الأخير بالذهاب الى تأليف حكومة، او انهيار كل المحاولات لتركيب حكومة تلتزم برنامجا إصلاحيا سبق وحدده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.


لكن ذلك، لم يمنع إطلاق «بالونات اختبار» الاعتذار لقياس ردات الفعل السياسية. ومن هنا، كان اعتذار الحريري عن تأليف الحكومة متعذرا، بل أبعد من المجرات والكواكب، كما قال نائب رئيس تيار المستقبل، د.مصطفى علوش لـ «لأنباء» مطلع هذا الأسبوع، لكن علوش نفسه عاد لا يستبعد اعتذار الحريري في تصريح له أمس، ولئن ربط ذلك بفشل زيارة لودريان، أو بشعور الحريري ان الفرنسيين او غيرهم يحملونه مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة، بمستوى مسؤولية الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل، وهذا أمر مرفوض من جانب الحريري.


وأشار المصدر الى ان «الإشارات الصادرة عن بيت الوسط والمستقبل لجهة وضع خيار اعتذار الحريري عن التكليف، هي رسالة الى لودريان لجهة ان فرض لقاء بين الحريري وباسيل كمدخل لتأليف الحكومة في ظل رفض الحريري لهذا اللقاء سيكون البديل عنه الاعتذار».


ومن هنا يمكن القول إن الإفطار الخاص، الذي أقامه الرئيس الحريري لمفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان، أمس الأول لم يكن رمضانيا فحسب، إنما أعطى إشارة مبكرة على خطوة مفصلية يتحضر الحريري للإعلان عنها، بعدما شعر بعقم الرهان على المبادرة الفرنسية، في ظل المتغيرات الإقليمية وتحديدا العربية - الإيرانية، والعربية - السورية، وأخيرا اللبنانية - السورية، التي تمثلت امس في استقبال وزير الخارجية شربل وهبي للسفير السوري في بيروت علي عبدالكريم، الذي قال: ان بلاده ترحب بأي خطوة تصب في صالح العلاقات بين الدول العربية، وربط زيارته للخارجية باستعدادات السفــارة للانتخابـــات الرئاسية السورية في 20 مايو.


وزاد الطين بلة تسريب بعض من جدول لقاءات الوزير لودريان في بيروت، وفيه ذكر لاسمي الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري، ولا إشارة، للرئيس المكلف سعد الحريري، المعني الأول بمهمة الزائر الفرنسي، ما أوحى بأن رياح السياسة الداخلية الفرنسية، بدأت تبتعد عن مجرى سفن الحريري، تحت ضغط اليمين الفرنسي، المتحفز للانتخابات الرئاسية المقبلة.

 (الأنباء الكويتية)

تعليقات