الدعم يرفع عن كل شيء باستثناء الكهرباء... هل الهدف الحفاظ على الهدر فيها؟!

  

ما من شيء يتقدم على موضوع رفع الدعم عن السلع الاساسية والغذائية، خصوصا وان الاحتياطي الموجود لدى مصرف لبنان استنزف الى مستوى يمنع المضي بآلية الدعم نفسها، الامر الذي "يشكل جريمة بحق الودائع".

 

وتبلغ نسبة الاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان  15% من مجمل الودائع بالعملات الأجنبية لدى المصارف، أي نحو 17 مليار دولار من أصل 115 مليار دولار، وسابقا طالب البعض أن يخفّض المركزي هذا الاحتياطي لنحو 10 أو 12%.

 

ومعلوم ان مصرف لبنان يدعم المحروقات والقمح والأدوية والمستلزمات الطبية والسلة الغذائية، وبلغت كلفة الدعم في 2020 أكثر من 6 مليارات دولار، أي بحدود 500 مليون دولار شهريا.

 

وامام هذه المعطيات، بات رفع الدعم ضرورة وقد يكون مسألة اسابيع قليلة، وفي هذا الوقت تم تسريب المسودة المرتبطة بترشيد الدعم، والتي اعدها فريق رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، التي اصبحت شبه منجزة، وهي تتضمن:

 

- تخفيض الدعم عن البنزين من ٩٠ الى ١٥ %.

 

- تخفيض فاتورة الدواء المدعوم الى النصف،علما انها تبلغ حاليا مليار و٢٠٠ مليون دولار .

 

- ابقاء الدعم على الفيول اويل، لتأمين استمرارية عمل مؤسسة كهرباء لبنان.

 

- رفع الدعم في شكل نهائي عن السلع الغذائية باستثناء القمح.

 

تفكير من خارج اطار المنطق

واللافت في هذه النقاط الاربعة ان الدعم سيرفع عن كل شيء باستثناء ما تستفيد منه "مؤسسة كهرباء لبنان"، اي "المقر الرسمي للهدر"، حيث الاموال التي تخصص لهذه المؤسسة توضع في سلة بعدة ثقوب!

 

ورأى مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون ان الدعم باق حيث الفرصة متاحة للاستفادة من الهدر، قائلا: ما سرّب عن مسودة رفع الدعم تفكير من خارج اطار المنطق، اذ اول ما يجب ان يرفع الدعم عنه هو المحروقات لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، لان 50% منها يذهب مباشرة الى الهدر، بدءا من التعليق على الشبكة، مرورا بالهدر الفني والتقني، اضف الى ذلك استهلاك النازحين السوريين، وكان تقرير للبنك الدولي، قد اشار الى ان النازحين يستهلكون قرابة 500 ميغاوط سنويا، بتكلفة 335 مليون دولار.

 

رفع تصاعدي

واعتبر بيضون، عبر وكالة "أخبار اليوم" انه لا بد من رفع تعرفة الكهرباء بشكل تصاعدي، بمعنى انه يحافظ على تعرفة منخفضة: 100 ل.ل. / كيلوواط لكل من يستهلك شهريا ما دون الـ 400 كليوواط، وترتفع بشكل تصاعدي مع ارتفاع الاستهلاك مثلا: 150 ل.ل للاستهلاك الشهري ما بين 400 و600 كيلوواط، و200 ل.ل للاستهلاك من 600 الى 1000 كيلوواط.... بمعنى ان "من يستهلك اكثر يدفع اكثر"، وبهذه الطريقة تتحقق العدالة لذوي الدخل المحدود الذين يمكنهم ايضا الحد من الاستهلاك، كما ان الامر يشجع على عدم هدر الطاقة وبالتالي يخف الطلب نسبيا!

 

وردا على سؤال، اشار بيضون الى ان هذه الآلية قابلة للتطبيق بشكل سريع كونها لا تحتاج الا الى data base (ويفترض ان تكون متوفرة) من اجل وضع السيناريو اللازم.

 

تدابير متكاملة

من جهة اخرى، لفت بيضون الى انه لا بد من ان يتحرك مجلس ادارة المؤسسة ووزير الطاقة لاخذ مجموعة من التدابير المتكاملة، بدء من اعادة النظر بعقود المؤسسات الموقعة بالدولار، لتصبح كلها بالليرة، ولا يبقى منها بالدولار الا ما هو ضروري، يخصص للمستشارين الاجانب، او لشراء قطع الغيار، وعندها يحوّل مصرف لبنان الدولار على اساس سعر صرف 1500 ل.ل. الى المورّد مباشرة.

 

وفي السياق عينه، اشار بيضون الى ضرورة ان تعتمد المؤسسة على قدراتها الذاتية، فعلى سبيل المثال تم تجديد عقد شركة "برايم ساوث" Primesouth المتعهّدة تشغيل وصيانة معملي الزهراني وديرعمار، في حين الشركة تعتمد على 4 او 5 موظفين اجانب اما اكثر من 250 موظفا هم من اللبنانيين، وبالتالي يمكن الاعتماد على مهندسين لبنانيين لديهم الكفاءة.

 

كما لفت بيضون في اطار معالجة الهدر والفساد، الى ضرورة اتخاذ رزمة من التدابير تشمل ايضا شراء النفط، حيث من الواضح المناقصات المتتالية فشلت، مع العلم انه كلما مرّ المزيد من الوقت، فقدت الثقة بالدولة اكثر فأكثر، وكلما دخلنا في وضع اصعب التكاليف ستكون اكبر، وختم: القرار الجيد هو الذي يؤخذ في الوقت المناسب.   

(المصدر: وكالة أخبار اليوم)

تعليقات