ودِّعوا الـ3900... الآتي "أعظم"!

  

خالد أبو شقرا ـ نداء الوطن

 

سحب الودائع بالدولار على سعر 3900 ليرة أصبح وراءنا، هذا ما أكدته لجنة المال والموازنة النيابية بعد اجتماعها البارحة مع نائب حاكم مصرف لبنان ألكسندر موراديان، والأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر. ليبقى السؤال "ما هو سعر السحوبات الذي سيفتح عليه تشرين الأول المقبل، وأي تأثير سيحمله على الإقتصاد؟".

 

رئيس "لجنة المال والموازنة" النائب ابراهيم كنعان جزم بأن السعر الذي سيوضع سيكون مدروساً ومن مصلحة المودع، ولن يحمل ضغوطاً تضخمية. فتعاظم الكتلة النقدية بالليرة يأتي في أسفل العناصر الستة المؤثرة على سعر الصرف، إذ هناك العوامل السياسية والادارة السيئة للاستهلاك، والمضاربة، والتهريب، والتخزين، والاحتكار، واستمرار التحويلات إلى الخارج في ظل عدم إقرار الكابيتال كونترول... كلها عوامل تؤثر بنسبة أكبر على سعر الصرف.

 

وبحسب كنعان فإن "رفع سقف السحوبات سيترافق مع آليات ضبط، سيدرسها مصرف لبنان وجمعية المصارف ويعودان بها إلى اللجنة الأسبوع القادم". ما يُفهم من حديث كنعان أن الاجتماع حمل إقراراً بإمكانية رفع سقف السحوبات، وبدء البحث عن البدائل. ومن المفترض أن تشكّل هذه الإجراءات مدماكاً لتوحيد سعر الصرف في المستقبل بعد تشكيل الحكومة وبدء الإصلاحات.

 

في المقابل، يبدو أنه ليس من السهولة بمكان موافقة مصرف لبنان على رفع سقف السحوبات إلى 10 آلاف ليرة، بحسب المعارضين لهذا الإجراء، أو حتى الإقرار برقم أعلى بكثير من 3900 ليرة، حتى ولو ترافق ذلك مع تقليل حجم السحوبات الشهرية بمقدار النصف. وهذا يعود إلى تضخم الكتلة النقدية بالليرة M1 من أقل من 5000 مليار ليرة في نهاية العام 2019 إلى أكثر من 50 ألف مليار ليرة حالياً. وكلّما كبرت هذه الكتلة كلّما تحولت الليرات إلى أوراق مونوبولي لا قيمة لها.

 

فالليرات سرعان ما ستتحول طلباً مباشراً وغير مباشر على الدولار من خلال زيادة استهلاك السلع. ولان لبنان يستورد أكثر من 90 في المئة من حاجاته من الخارج فسترفع الكتلة بالليرة الطلب على الدولار من قِبل التجار وتزيد حكماً انهيار سعر الصرف.

 

"أما في حال رفع سقف السحوبات وتوزيع المبلغ مناصفة بين النقدي والبطاقة الائتمانية كما يُدرس، فستكون نتيجته على المودع وعلى الاقتصاد أسوأ من التضخم"، بحسب خبير المخاطر المصرفية محمد فحيلي، "ذلك أن هناك عدداً كبيراً من المحلات التجارية توقفت عن قبول بطاقات الدفع الإلكتروني". فليس من مصلحة التاجر تحرير أموال العميل أو المودع وحبس أمواله، خصوصاً في ظل رفض الكثير من المصارف تحويل جزء من حسابات الودائع إلى حسابات أخرى أو لتسديد بدل خدمات وأجور موظفين وخلافه، واشتراطها إحضار الأموال نقداً. وهذا ما لمسناه مع المستشفيات والكثير من المؤسسات.

 

وعليه "ستتوفر في أرصدة الزبائن بعد رفع سقف السحوبات مبالغ نقدية بالليرة سيعجزون عن تحريرها"، يقول فحيلي، و"سيضطرون إلى تسييلها من خلال بيع شيكات بالليرة بأقل من قيمتها، كما هي الحال بحسابات الدولار المقيّمة لولار". من هنا سيتوسع مفهوم الليرة البنكية "بيرة" التي لا تدفع إلا بواسطة شيكات مصرفية بقيمة أقل. وهذا لن يكون من مصلحة المودع. أما في حال رفع مصرف لبنان سقوف المصارف من الليرة اللبنانية، فقد تستمر عملية بيعها للتجار المحظيين لشراء الدولار من المنصة وعدم تحويلها للزبائن للإستفادة منها.

 

لعلّ أكثر ما يثير خوف المتابعين هو وصول سعر الصرف إلى 30 أو حتى 40 ألف ليرة بعد فترة من رفع سقف السحوبات. وهذا احتمال وارد نتيجة استمرار انسداد الأفق السياسي وتغييب الاصلاحات وفقدان المساعدات. فماذا نفعل حينها؟ هل نرفع سقف السحب مرة جديدة. أسئلة كثيرة جوابها الوحيد يبقى بالاصلاح والعمل على تخفيض سعر الصرف.

تعليقات