يحذر من "قنبلة مروعة".. كاردينال يوثق مشاهداته عن أحوال السوريين

 

لا تسقط القنابل في جميع أنحاء سوريا هذه الأيام، وتنحصر المواجهات في المناطق التي لا يزال فيها معارضون مسلحون مدعومون من القوات التركية، وجيوب متفرقة صغيرة في البلاد، لكن "القنبلة المروعة" كما يقول رجل دين مسيحي من الفاتيكان عاش في دمشق خلال الأزمة، لا تزال "تفتح جرحا" يفاقمه "تراجع الاهتمام بالبلاد".

ويقول تقرير للبنك الدولي إنه "الآن مع دخول عامه الحادي عشر ، تسبب الصراع في سوريا في إحداث درجة لا يمكن تصورها من الدمار والخسارة للشعب السوري واقتصاده"، وفيما نُسبت أكثر من 350 ألف حالة وفاة يمكن التحقق منها بشكل مباشر إلى النزاع حتى الآن، فإن من شبه المؤكد أن عدد الضحايا  غير المحسوبة أعلى بكثير."

ويضيف البنك إنه  نتيجة لنزوح أكثر من نصف سكان البلاد "تقلص النشاط الاقتصادي في سوريا بأكثر من 50 بالمئة مقارنة بما كانت عليه في عام 2010".

وبعد سنوات من الحرب الأهلية في سوريا، أصبح نحو تسعين بالمئة من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر، وأصبحت "أسعار السلع باهظة مقارنة بالرواتب"، كما يقول موقع أخبار الفاتيكان.

وينقل الموقع مشاهدات الكاردينال، ماريو زيناري، الذي عاش في دمشق وسجل دعواته للعالم لتقديم "إشارة حسن نية" فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية على البلاد، متهما العالم بأنه "نسي الشعب الذي طالت معاناته".

ويقول زيناري "تبدو الحياة في شوارع دمشق وكأنها مثل أي عاصمة شرق أوسطية كبيرة أخرى، فالشوارع تمتلئ بالناس بينما يقود الناس سياراتهم من وإلى العمل، والمحلات التجارية مليئة بالمواد الغذائية".

لكنه يستدرك "مع ذلك ننظر عن كثب لنرى الحقيقة"، حيث يتقاضى موظف الدولة حوالي 60 دولارا أميركيا، في حين أن كيلوغراما واحدا من حليب الأطفال يكلف أقل بقليل من عشر دولارات، ويكلف خزان البنزين في السيارة 16 دولارا.

وقال الكاردينال الذي عاش في دمشق طوال فترة الحرب "أنا آسف جدا لرؤية هذا الأمل يحتضر".

ويضيف "بطبيعة الحال، شعرت بألم شديد عندما شاهدت الناس، ولا سيما الأطفال، يموتون أثناء الحرب، ولكن ما وراء هذه المعاناة، كان الناس يحافظون على بصيص الأمل بأن الحرب ستنتهي في نهاية المطاف، وسيتمكن الناس من العودة إلى العمل، وجني القليل من المال، وربما إصلاح منازلهم والعودة إلى الحياة الطبيعية".

وقال زيناري إن هذا الحلم بعيد كل البعد عن الواقع الذي يواجهه السوريون اليوم، المليء بالفقر.

ويضيف أن "القنابل لم تعد تسقط في أجزاء كثيرة من سوريا، لكن قنبلة رهيبة أخرى انفجرت وفتحت بصمت جرحا كبيرا"، في إشارة إلى 90 في المئة من السوريين الذين يعيشون في الفقر.

ويقول زيناري "العقوبات الدولية تتضافر مع الفساد المتزايد ووباء كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية والسياسية في لبنان لوضع عبء اقتصادي ثقيل على السكان السوريين."

ويقول تقرير الحرية الاقتصادية لموقع Heritage إن "من المرجح أن تتجاوز التكلفة الاقتصادية للحرب الأهلية السورية تريليون دولار، بما في ذلك إجمالي الناتج المحلي المفقود بسبب الصراع وتكاليف إعادة الإعمار المستقبلية.

ويقول الموقع إن هذا الرقم "لا يشمل التأثير الاقتصادي السلبي الكبير للغاية على العراق والأردن وتركيا ولبنان"، كما إن التكاليف غير الاقتصادية "لا يمكن قياسها".

وأضاف الموقع أن "الحرب الأهلية المستمرة تعيق بشدة التجارة والاستثمار الدوليين، مما أدى عدم الاستقرار والقمع السياسيين، اللذين تفاقمهما سنوات من سوء الإدارة الاقتصادية، وبجانب انهيار الاقتصاد، تدهورت البنية التحتية المالية بشكل كبير بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية غير المستقرة، كما أن الوصول المحدود للغاية إلى التمويل يعوق أي نشاط تجاري خاص ذي مغزى.

ويؤكد البنك الدولي في تقريره أن "التأثير الاجتماعي والاقتصادي للنزاع كبير ومتزايد، حيث أدى الافتقار إلى الوصول المستدام إلى الرعاية الصحية والتعليم والإسكان والغذاء إلى تفاقم آثار الصراع ودفع ملايين الناس إلى البطالة والفقر، ومع نظام الرعاية الصحية المتدهور بشدة، فإن السوريين معرضون بشدة لصدمات إضافية، مثل تفشي COVID-19 الذي لا يزال مستمرا".

ودعا الكاردينال زيناري الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة – إلى جانب الحكومة السورية – إلى اتخاذ خطوة بحسن نية وإزالة نظام العقوبات، حتى تتمكن سوريا من البدء في إعادة بناء اقتصادها وإعادة تشغيله.

وقال "إن الناس – الفقراء – هم الذين يعانون"، مشيرا إلى تقرير صدر مؤخرا عن برنامج الأغذية العالمي والذي أحصى 12 مليون سوري (60 في المائة من السكان) يعيشون في حالة من انعدام الأمن الغذائي.

وأضاف الكاردينال زيناري أن الواقع المؤلم الآخر هو عدم الاهتمام العام من جانب وسائط الإعلام الدولية.

وقال "حتى عامين مضت كنت أتلقى طلبات إجراء مقابلات من جميع أنحاء العالم"، "الآن، لا أحد يسأل أسئلة عن سوريا، يقولون لي إن الأخبار عن سوريا لم تعد مثيرة للاهتمام من الناحية الصحفية".

وأشار تقرير آخر للبنك الدولي بعنوان "خسائر الحرب في سوريا" حصر الخسائر التي تعرضت لها البلاد حتى عام 2017، إلى أن الصراع تسبب بتدمير نحو 7 بالمئة من المساكن في سوريا، فيما تضرر 20 بالمائة منها، وقدر الخسائر  الخسائر التراكمية في إجمالي الناتج المحلي بنحو 226 مليار دولار، أي نحو أربعة أضعاف إجمالي الناتج المحلي السوري عام 2010.

(المصدر: الحرة)

 

تعليقات