(منير
الربيع ـ الجريدة الكويتية)
يُوشك
لبنان أن يُسحب من «الثلاجة الدولية» إلى «المطبخ الدولي»، فهناك حركة مرتقبة
ستشهدها الساحة اللبنانية الشهر المقبل، تتجلى بزيارات؛ أبرزها زيارة الأمين العام
للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير خارجية الفاتيكان.
ستضبط
هذه الزيارات إيقاع البحث بالملف اللبناني على صعيد دولي، تزامناً مع مفاوضات
فيينا النووية، بانتظار عودة المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، خلال
الأيام العشرة المقبلة، وفق ما تشير مصادر دبلوماسية.
سيأتي
هوكشتاين حاملاً العرض الأميركي النهائي لإنجاز ملف ترسيم الحدود مع إسرائيل، لكن
الحسم قد يحتاج إلى مماطلة بانتظار اتضاح مسار التفاوض الإيراني - الأميركي.
وتولي
واشنطن اهتماماً استراتيجياً واستثنائياً بالترسيم؛ لذلك تؤكد مصادر لبنانية رسمية
مطّلعة على الملف أن الاهتمام الأميركي سيخلص إلى إيكال شركة أميركية كبرى بمتابعة
ملف التنقيب ثم الاستخراج.
وتتوقع
المصادر أن تستبعد واشنطن، في مسعاها هذا، كونسورتيوم الشركات التي فازت
بالمناقصة، وهي «نوفاتيك» الروسية، و»توتال» الفرنسية، و«إيني» الإيطالية. وهذا
يجعل الملف مرتبطاً بشكل مباشر بالمفاوضات الإيرانية - الأميركية.
إلى
جانب الترسيم، تُعِدّ سفارات الدول الكبرى المعنية بالشأن اللبناني الكثير من
الدراسات والتقارير حول سيناريوهات المرحلة المقبلة، لاسيما كيفية التعاطي مع
استحقاقي الانتخابات النيابية والرئاسية، والآفاق ما بعدهما.
وفي
حالة إجراء الانتخابات في موعدها ستكون الأنظار مركزة على نتائجها وما يمكن أن
تفرزه من تسوية سياسية لتشكيل حكومة جديدة، بالإضافة إلى الأثر الفعلي لآلية
انتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
أما
في حال التأجيل، فإن ذلك سيؤدي إلى تعميق الأزمة أكثر، لأن أي تمديد للمجلس
النيابي سيقود إلى المزيد من الانهيارات، وقد ينعكس فراغاً في كل المؤسسات
الدستورية، وحينها ستصبح المشكلة لدى رئيس الجمهورية، الذي سيرفض تسليم السلطة إلى
مجلس نيابي ممدد لنفسه.
ولا
يمكن فصل هذه السيناريوهات ومساراتها عن المسار الإقليمي والدولي، الذي يؤثر بشكل
مباشر على البلد، ويكون له الانعكاس الفعلي.
لا
تبدو الأجواء تفاؤلية حيال المرحلة المقبلة بلبنان، في ظل تداول سيناريوهات
متعددة، أحدها الذهاب إلى صفقة كبرى قبل الانتخابات النيابية تتضمن الاتفاق على
انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل الحكومة، وتعيين قائد للجيش، وحاكم جديد للمصرف
المركزي، ورئيس جديد لمجلس القضاء الأعلى. وفي المقابل، لا يمكن أن يكون تأجيل
الانتخابات بهذه السهولة، وقد يتم تبريره بارتفاع وتيرة المخاطر الأمنية.
في
كل الحالات، فإن ما سيأتي في الأشهر المقبلة، وفق ما تقول المصادر الدبلوماسية،
سينعكس بشكل كبير على الواقع السياسي اللبناني، وسيكون هناك حاجة إلى توافق دولي
على إيجاد صيغة جديدة لتكوين السلطة في لبنان، وذلك يفترض أن يستدعي الدخول في
مرحلة جديدة من التعديلات الدستورية، حسب موازين القوى التي سيتم تكريسها.
ستكون
الأشهر المقبلة فاصلة جداً لتحديد وجهة لبنان المستقبلية، سياسياً ودستورياً، ومن
هنا يبرز كل هذا الاهتمام الدولي بالملف اللبناني، والزيارات التي ستجرى بهدف
استشراف ما يمكن صياغته من اتفاقات.
تعليقات
إرسال تعليق