«سيناريو الكاظمي» قد يدفع ميقاتي لتقديم تنازلات

  


منير الربيع  ـ الجريدة


دخلت منطقة الشرق الأوسط مرحلة شدّ الأحزمة، حتى موعد انطلاق المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة في فيينا. ومن بيروت إلى صنعاء، مروراً ببغداد ودمشق، تؤشر المسارات السياسية بالفعل إلى محاولات طهران الربط بين استحقاقات العواصم الأربع، التي سبق أن أعلنت سيطرتها عليها.

 

تريد طهران تكريس معادلاتها بالقوة، وثمة تسابق بين بيروت وبغداد على تصدر المشهد، بأزمات سياسية ودبلوماسية أو بأحداث أمنية، وفي هذا السياق، جاءت محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.


ولطالما قيل إن الوضع في بيروت يرتبط سياسياً ورمزياً بما يجري في بغداد، ومن هنا فإن ما يسري على العراق يشهده اللبنانيون أيضاً في محاولات «حلفاء إيران» الضغط على القضاء في تحقيق تفجير المرفأ، وقضيتي خلدة والطيونة، التي يعتبر المعارضون لـ «حزب الله» أنهم مستهدفون بها قضائياً بعد استهدافهم أمنياً وسياسياً.


وقائع العراق سيكون لها انعكاسها على لبنان، الذي يعيش وضعية حكومية يعصف بها التعطيل، وهنا سيكون أمام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حسابات دقيقة جداً؛ لأن عودة حكومته إلى العمل مرهونة برضا «حزب الله» الذي يطالب بإزاحة المحقق العدلي بتفجير المرفأ القاضي طارق البيطار أو تطويقه.


وبعد ما جرى في بغداد، لن يكون ميقاتي قادراً على المواجهة أكثر، وستمثل أمام مخيّلته صورة محاولة اغتيال الكاظمي، وسيتأكد أنه لا مجال للمعاندة، وهذه المعادلة قد تفرض عليه تقديم تنازلات. وفي هذه الأجواء، أجرى الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، أمس، زيارة لبيروت التقى خلالها المسؤولين اللبنانيين في محاولة لوضع تصور سياسي يمكن من خلاله الانطلاق في مفاوضات جدية تهدف إلى سحب فتائل التصعيد وتهدئة الإجراءات الخليجية.


وكانت مواقف زكي واضحة لما أُخبر به حول استعداد لبنان لتصحيح العلاقة مع دول الخليج، لكن حسب مصادر، يجب أن تقرن هذه المواقف بأفعال تبدأ باستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي.


التحرك العربي قوبل بتشكك مصادر دبلوماسية عربية في قدرة أي طرف حالياً على الوصول إلى قواسم مشتركة، لا سيما أن التصعيد الذي على ما يبدو سيستمر طويلاً، هو سمة المرحلة.


في المقابل، تشير المصادر إلى اقتراح غير رسمي حتى الآن لعقد اجتماع للجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، لبحث الأزمة اللبنانية ووضع ورقة واضحة لكيفية معالجتها.

 

ووسط إصرار أميركي - فرنسي على بقاء الحكومة كهيكل، سيبقى الوضع الحكومي على حاله؛ لا استقالة لميقاتي، ولا استقالة أو إقالة لقرداحي، ولا انعقاد لجلسات مجلس الوزراء.


وتعتبر إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن هناك حاجة لبقاء الحكومة، للوصول إلى تفاهمات تتعلق مثلاً بملف ترسيم الحدود، الذي تهتم به واشنطن إلى أبعد الحدود، وتسعى لإنجازه بعيداً عن أي حسابات إقليمية وتطورات للأوضاع في المنطقة.


وأكثر من ذلك، تعتبر واشنطن أن الترسيم حاجة ضرورية للبنان، لتخفيف الضغوط عنه، وفي هذا الإطار تترقب بيروت عودة المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين إليها، بعد وصوله أمس إلى إسرائيل ليبحث مع المسؤولين هناك ما سمعه في العاصمة اللبنانية الشهر الماضي.


وتقول مصادر لبنانية رسمية إن هناك نية جدية لإنجاز الملف سريعاً، لكن الكرة تبقى في ملعب «حزب الله»؛ هل سيستمر في التسهيل أم سيتعامل مع الملف كورقة تفاوض؟!..... وقبل أيام رُصد دخول ألماني على خط إحياء مفاوضات الترسيم، وسط نصائح وجهها المدير العام لوزارة الخارجية الألمانية لشؤون الشرق الأوسط بضرورة الإسراع به، في وقت تعتبر مصادر دبلوماسية أنه في حال عدم التوصل إلى أرضية مشتركة تؤسس لاتفاق على ترسيم الحدود، فإن لبنان سيكون ساحة لتصفية حسابات إقليمية لن يكون غائباً عنها العامل الإسرائيلي.

تعليقات