بدأ لبنانيون يشككون في تماسك تحالف
التيار الوطني الحر مع حزب الله، المستمر لأكثر من 15 عاما، بعد انتقادات طالت
الجماعة المسلحة القوية في البلاد من قبل الرئيس ميشال عون وزعيم التيار جبران
باسيل. يأتي ذلك قبل أقل من 5 أشهر على الانتخابات النيابية المقبلة التي تشهدها
لبنان وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة في تاريخ هذا البلد.
والاثنين، حددت السلطات اللبنانية 15
مايو 2022 موعدا للانتخابات النيابية التي كانت من المفترض أن تقام في مارس. ويرى
بعض المحللين أن هناك "تباينات صغيرة" بين التيار الوطني الحر وحزب
الله، بينما يعتقد آخرون أن الأصوات الناقدة للحزب القوي وشريكه حركة أمل لا تعدو
كونها "مسرحية كلامية".
ومع ذلك، يجمع المحللون على أن
التحالف بين التيار الوطني الحر وما يطلق عليه في لبنان "الثنائي
الشيعي" المتمثل في حزب الله وحركة أمل، مستمر قبل الانتخابات على اعتبار أنه
يضمن مصالح الطرفين. وقالت المحللة اللبنانية، دانيا قليلات الخطيب، من معهد عصام
فارس في الجامعة الأميركية في بيروت لموقع "فويس أوف أميركا"، إن الرئيس
عون فشل في إقناع اللبنانيين بأنه قادر على مواجهة حزب الله وأمل بشكل فعّال.
"خدمة استراتيجية"
وخلال خطابه الأخير، الاثنين، لم
ينتقد الرئيس ميشال عون حزب الله وحركة أمل مباشرة، على الرغم من الإفصاح عن رغبته
في علاقات أقوى مع الدول العربية وتحديدا دول الخليج.
وتعارض دول الخليج نفوذ حزب الله
المتزايد في لبنان، وسبق أن سحب عدد منها سفراءها لدى بيروت، على خلفية تصريحات
وزير الإعلام المستقيل، جورج قرداحي، بشأن حرب اليمن.
ويستبعد المحلل السياسي، طوني أبي
نجم أن يكون هناك خلاف بين التيار الوطني الحر وحزب الله في لبنان. وقال أبي نجم
لموقع قناة "الحرة" إن "رئيس الجمهورية قدم خدمة استراتيجية كبيرة
لحزب الله في خطابه الأخير، من خلال إعادة التأكيد على ثلاثي الجيش والشعب
والمقاومة، وهي شرعية نزعتها الحكومات السابقة". وأشار إلى أنها "خدمة
لم يكن حزب الله يحلم بها".
وفي إشارة للانتقادات العلنية التي
صدرت من زعيم التيار الوطني الحر، وصهر الرئيس عون إلى حزب الله، قال أبي نجم إن
"ما يحدث مسرحية كلامية من جبران باسيل لمحاولة شد العصب لما تبقى من الكتلة
المسيحية".
وتابع: "الاختلاف مع حزب الله
من سابع المستحيلات، يدرك التيار الوطني الحر أنه خسر أوراقه المسيحية ويعول على
الحزب لدعم مرشحي التيار في مختلف المناطق التي تؤثر فيها" القوى الشيعية
وذلك لكسب مقاعد إضافية، مدللا باجتماع جبران باسيل مع وفيق صفا مسؤول وحدة
التنسيق والارتباط بحزب الله. وأوضح أبي نجم أن "التيار لم يعد لديه سوى عصب
ضيق من المسيحيين يدين له بالولاء مهما ارتكب من أفعال".
في المقابل، يرى المحلل السياسي،
أسعد بشارة، أن هناك "تباينات صغيرة" بين التيار الوطني الحر وحزب الله،
خاصة فيما يتعلق بالقاضي طارق البيطار الذي يحقق في قضية انفجار مرفأ بيروت، لكنها
لا تتخطى الخطوط الحمراء، وفق وصفه.
وقال بشارة لموقع "الحرة"
إن "ما حصل مطالبة فريق عون في الفترة الأخيرة بتعديل قانون الانتخابات
وتعيينات إدارية ومكاسب أخرى لقاء تقديم غطاء لعزل القاضي طارق بيطار" لكن
"الصفقة فشلت وتجري اتصالات بين الطرفين لاحتواء الوضع".
"بين المطرفة والسندان"
ويطالب حزب الله وحركة أمل بعزل
المحقق في قضية انفجار مرفأ بيروت، حيث يتهمون البيطار بالتحيز على الرغم من عدم
تحميل أي شخص، حتى الآن، مسؤولية الحادث الذي يعتبر أحد أكبر الانفجارات غير
النووية في التاريخ.
ويتفق بشارة مع أبي نجم في الرأي
بقوله إن التيار الوطني الحر "لا يمكنه نقد هذا التحالف؛ لأنه هو من أوصله
إلى قصر بعبدا"، مرجحا أن تذهب الأمور إلى التهدئة والاحتواء قبل الانتخابات.
وأضاف بشارة: "ليست هناك
إشكالية ستؤدي إلى فك التفاهم. حزب الله مصلحته أن يبقى عون إلى جانبه يغطي كل
مشروعه والرئيس لا يملك أي حلول أو خيارات أخرى إلا الاستمرار بالتحالف وبالتالي
هم ذاهبون إلى تنسيق انتخابي قريب بدليل الاجتماع بين وفيق صفا وجبران
باسيل".
في عام 2006، وقع حزب الله والتيار
الوطني الحر تفاهما يعرف باسم "اتفاق مار مخايل" وذلك للاتفاق حول جملة
من القضايا الداخلية، منها بناء الدولة ومكافحة الفساد. وساهم اتفاق "مار
مخايل" في وصول ميشال عون إلى سدة الرئاسة خلال العام 2016، فيما يطمح زعيم
التيار الوطني الحر الحالي جبران باسيل في خلافه عون.
من جهته، قال مدير معهد العلوم
السياسية بجامعة القديس يوسف في بيروت، لوكالة رويترز، إن "التيار الوطني
الحر عالق اليوم بين المطرقة والسندان. إنهم يدركون بالتأكيد أن الشارع المسيحي لم
يعد يتغاضى عن أي شكل من أشكال الإذعان لمطالب حزب الله". وأضاف: "لكنهم
ببساطة لا يستطيعون التخلي عن هذا التحالف بالكامل، لأنه سيدمر طموحات باسيل
الرئاسية ويمنعهم بالتأكيد من الحصول على كتلة برلمانية كبيرة".
(المصدر: الحرة)
تعليقات
إرسال تعليق