شكوى سعودية على لبنان في مجلس الأمن؟ هل تستهدف الطائرات السعودية مواقع حزب الله في لبنان؟

ابراهيم ريحان ـ أساس ميديا

"إذا غَضِبنَا أوجَعنا". عبارةٌ كانت رنّانة في المؤتمر الذي عقده المُتحدّث باسم قوّات التّحالف العربيّ العميد تُركيّ المالكي، وكشَف خلاله عن مشاهد مُصوّرة سرّاً لمواقع فيمطار صنعاء الدّوليّ، قال إنّ حزبَ الله والحرس الثّوريّ الإيرانيّ يستعملانها لتخزين الطّائرات المُسيّرة وتدريب الميليشيات الحوثيّة على تفخيخها وتوجيهها.

ويكشف مقطع الفيديو تورُّط "قياديّ فيحزبِ الله"، فيما يعطي تّوجيهات عسكريّة وسّياسيّة للقيادي في الميليشيات الحوثيّة، اسمه أبي عليّ الحاكم لاستهداف السّفن في البحر الأحمر.

مصدرٍ سعوديّ مسؤول قال لـ"أساس" إنّ "المملكة باتت تمتلك الشّرعيّة الدّوليّة والعربيّة لمكافحة أنشطة حزب الله بالطُّرق التي تراها مُناسِبة، وفي السّاحات التي تراها ضروريّة للحفاظ على أمنها".

فهل هذا يعني أنّ الطّائرات الحربيّة السّعوديّة، الرّابضة في اليونان وغيرها من دول المنطقة، القريبة من لبنان، في إطار "التّحالف الدّوليّ لمُكافحة داعش"، بات لها الحقّ "الدولي" و"المنطقي" لكي تستهدف مواقع لحزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية، أو في جنوب لبنان أو البقاع؟

وبحسب معلومات "أساس"، تدرسُ السّعوديّة إمكانيّة اللجوء إلى مجلس الأمن الدّوليّ لتقديم شكوى ضدّ لبنان، على اعتبارِ أنّ حزب الله طرفٌ مُشاركٌ في الحكومة اللبنانيّة الرّسميّة، ويُهيمن على كلّ السّلطات في لبنان.

كذلك قالَ مصدرٌ مسؤول في وزارة الخارجيّة الأميركيّة لـ"أساس" إنّ الولايات المُتّحدة تدعم ما تقوم به المملكة من أجلِ الحفاظ على أمنها، خصوصاً أنّ وضعَ حزب الله بالنّسبة إلى واشنطن يختلف جذريّاً عن الميليشيات الحوثيّة، باعتباره مُصنّفاً مُنظّمة إرهابيّة في أميركا والمملكة المُتّحدة وأستراليا وألمانيا ودُول مجلس التّعاون الخليجيّ وغيرها.

وأشارَ المصدر الأميركي الرسمي إلى أنّ الأشهر الأخيرة شهِدَت تنسيقاً استخباريّاً واسع النّطاق مع المملكة في اليمن، خصوصاً مع إصرار الحوثي، ومِن خلفه إيران وحزب الله، على مواصلة الهجوم على مأرِب الذي من شأنه تعقيد الوصول إلى حلّ سيّاسيّ للأزمة في المدى القريب.

توقيت المؤتمر "العربي"

جاءَ مؤتمر العميد المالكيّ بعد أسبوعيْن من البيان السّعوديّ – الفرنسيّ المُشترَك والجولة الخليجيّة التي قامَ بها وليّ العهد السّعوديّ الأمير محمّد بن سلمان، وحملت جميعها رسائلَ واضحة أجمَعت على ضرورة تطبيق القرارات الدولية 1559 و1680 و1701 في سياق استعادة السّيادة اللبنانيّة خارج سلاح حزب الله.

أمّا على الأرض فباتَ واضحاً من كلام العميد المالكي أنّ الرّياض ماضيةٌ في حماية أمنها وأمن مواطنيها والمُقيمين على أراضي المملكة. فالميليشيات الحوثيّة تكبّدت خسائر فادحة على مدى السّنة الماضية، خصوصاً على جبهة مأرب.

كما أُصِيبَ الحوثي بخسارةٍ معنويّة وسياسيّة فادحة بوفاة السّفير الإيرانيّ لدى الميليشيات حسن إيرلو. وعن هذا الشأن يقول المصدر السّعوديّ إنّ وفاة إيرلو أصابت الحوثي بضياعٍ على جميع المُستويات. إذ كانَ هو الحاكم الفعليّ في اليمن، إلى جانبِ القياديّ في فيلق القُدس الجنرال عبد الرّضا شهلائي المُتواري عن الأنظار منذ مقتل رفيق دربه قائد الفيلق السابق قاسم سُليمانيّ مطلع سنة 2020 في بغداد.

ويقول المسؤول السّعوديّ لـ"أساس" إنّ محاولة الإعلام الإيراني الإيحاء بأنّ إيرلو هو نفسه عبد الرّضا شهلائي "محاولة بائسة ومُثيرة للشّفقة". وكشَف المصدر أنّ التّحالف استهدَف سابقاً عدّة مواقع كان يوجد فيها شهلائي، لكنّه كان ينجو بـ"أعجوبة"، وأنّ التحالف العربي يُعدّ لعمليّات نوعيّة عسكريّة وأمنيّة سيكون لها الأثر الكبير على مُجريات الأحداث على السّاحة اليمنيّة.

أمّا في لبنان فأشارت معلومات خاصّة لـ"أساس" إلى أنّ حزب الله عمّم على إعلاميّيه وناشطي مواقع التّواصل الاجتماعي التّابعين له عدم التّعليق أو تداول ما نشره التّحالف، على اعتبار أنّ من غير المسموح تسويق مدى الخرق الاستخباريّ الذي تعرّض له على السّاحة اليمنيّة من "أصدقائه" الحوثيّين. لكن مساءً استدرك الحزب وأصدر بيانا من سطرين اعتبر أنّ الأدلّة التي عرضها التحالف هي "أمور ‏تافهة وسخيفة لا تستحقّ التعليق والرد عليها".

وفي هذا الإطار، يدعو المسؤول السّعوديّ عبر "أساس" الحكومة اللبنانيّة ورئيسها نجيب ميقاتي لإثبات الجدّيّة وأنّه على قدرِ الوعود التي قطعها عبر الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لوليّ العهد السّعوديّ الأمير محمّد بن سلمان في الاتصال الذي جمعَ الثلاثة أثناء زيارة ماكرون لمدينة جدّة قبل أسابيع.

وهذا ما أكّده أيضاً الأمير سَطّام بن خالد آل سعود بتغريدةٍ على تويتر جاءَ فيها: "مشاركة عناصر حزب الله في اليمن تَضع الحكومة اللّبنانيّة في موقفِ المُتّهَمِ لأنّها توفّر الغطاء السّياسيّ لهذا الحزب المُشارك فيها، فإن كانت صادقة في عدم السّماح بالمساس بأمن الخليج فيجب عليها اعتقال وتوقيف عناصره. في النّهاية الحوثيون ما هم إلا خدم ينفّذون أجندات إيران بدون أيّ بعد وطنيّ أو قِيَم".

هذا الكلام يضع لُبنان الرّسميّ أمام مسؤوليّةٍ لا ريْبَ فيها. فالمملكة باتت تمتلك الشّرعيّة الدّوليّة والعربيّة "لمكافحة أنشطة حزب الله بالطُّرق التي تراها مُناسِبة، وفي السّاحات التي تراها ضروريّة للحفاظ على أمنها"، بحسب المصدر السعودي.

ليسَ تفصيلاً أن يُقدِم التّحالف على توثيق اتّهاماته لحزب الله وعرضها أمام وسائل الإعلام العربيّة والعالميّة...

وللحديث تتمّة.

 

تعليقات