كتبت
صحيفة "اللواء":
عيشة
ذل في لبنان للمواطنين، وحتى للمقيمين أو النازحين، تذكر بأكثر من جهنم مع الهجوم
الذي لا يرحم للدولار الأميركي، حيث التهم حتى تاريخه 95% من قيمة الليرة
اللبنانية (اكثر من 33 ألف ليرة لكل دولار) أو هجرة غير قانونية، أم رحيل يشبه
الهروب من نار جهنم، أو تهريب على نحو ما كان يفعل اللاجئ الفلسطيني أو النازح
السوري باتجاه قبرص، إلى أوروبا، باعتبارها دولة قريبة وعضو في الاتحاد الأوروبي.
هو
الدولار «العملة الخضراء» التي تروج سياسات الدول، تذهب باتجاه خطر في لبنان تدمير
كل مقومات الحياة، حتى تصبح الحياة غير ممكنة إلا لمن توفرت له مساعدات أو دعم،
أما أولئك المتروكون لقدرهم، فيختارون «المخيم» في أي بلد يستقبل لاجئين، على بلد
«نيال من له مرقد عنزة في لبنان!».
حسب
محترفي مهنة تهريب اللبنانيين إلى الخارج عبر البحر، فإن المهنة الرابحة التي راجت
منذ العام 2019، تحوّلت إلى مهنة رابحة. وبصرف النظر عن انعدام الحماس للحوار في
بعبدا، وضعف التغطية المسيحية له مع اعلان النائب السابق سليمان فرنجية اعتذاره عن
المشاركة، والحماس الفرنسي لاستئناف جلسات مجلس الوزراء، وهو الأمر الذي ابلغته
السفيرة آن غريو للرئيس عون، فإن معادلة الافتراق اللبناني تتوضح، لدرجة تطرح
الافتراق بين عموم الشعب الآخذ بالفقر في غالبيته، وطبقة «الموت الأسود» الموصومة
بالفساد، في مشهد سباق بدأ وبانتظار آذار بين شعب يرحل عن أرضه أو طبقة قائدة يجب
أن ترحل عن السلطة إلى غير رجعة.
في
عصر الدولة الغائبة أو عهد المماحكات واضاعة الوقت والفرص، لم يبق أمام اللبنانيين
الا البحر. فكثر يودون المغادرة.. ومستعدون لبيع بيوتهم وسياراتهم. يبيعون كل شيء،
المهم أن يرحلوا».
ويبدو
لبنان الذي يقطنه حالياً قرابة ستة ملايين شخص بمثابة سفينة غارقة تصارع تبعات
انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن
الماضي. وأدّت الأزمة الى خسارة الليرة أكثر من 95 في المئة من قيمتها أمام
الدولار. وانعكس ذلك تدهوراً غير مسبوق في قدرة السكان الشرائية بعدما بات الحدّ
الأدنى للأجور يعادل أقل من 23 دولارا، في بلد يعتمد على الاستيراد إلى حدّ كبير.
وجراء
ذلك، تراجعت قدرة السلطات على توفير الخدمات الأساسية ودعم سلع حيوية خصوصاً
المحروقات والأدوية حسب فرانس برس.
وبحسب
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن 1570 شخصاً على الأقل، بينهم
186 لبنانياً، شرعوا أو حاولوا المغادرة في رحلات بحرية غير قانونية من لبنان خلال
الفترة الممتدة بين كانون الثاني وتشرين الثاني من العام الماضي، غالبيتهم باتجاه
قبرص.
وأوضحت
المتحدثة باسم المفوضية ليزا أبو خالد لفرانس برس إن العدد الإجمالي كان 270 بينهم
40 لبنانياً عام 2019. وتعمل الأجهزة الأمنية والجيش على وقف هذه المحاولات.
وفي
رد على أسئلة لفرانس برس، أكّد الجيش أن عمليات المراقبة والرصد «تنفَّذ من خلال
وحدات الكشف المتقدم المتمثلة بشبكة رادارات منتشرة على طول الشاطئ، ومن خلال
دوريات متواصلة» في المياه الإقليمية، بالإضافة الى جهود مديرية المخابرات لملاحقة
المهربين.
في
عام 2020، نجحت القوات البحرية، وفق الجيش، «في ضبط نحو 20 مركباً وتوقيف 596
شخصاً وتسليمهم إلى السلطات المختصة». وكثفت دورياتها مع ارتفاع عدد عمليات
التهريب.
ويقول
الجيش إن «عصابات التهريب» تضمّ غالباً أشخاصاً من جنسيات مختلفة، لكنّ رؤساءها
«يكونون عادة من اللبنانيين لمعرفتهم بتفاصيل الشواطئ والمناطق اللبنانية».
ونسّق
ابراهيم حتى الآن عشر رحلات تهريب، كان أولها عام 2019 لأسرة من خمسة أشخاص تقيم
حالياً في ألمانيا، وآخرها في أيلول الماضي وضمّت 25 راكباً وصلوا إيطاليا، على حدّ
قوله.
وتتراوح
كلفة سفر الفرد بين 2500 دولار لبلوغ قبرص وسبعة آلاف دولار للوصول إلى شواطئ
إيطاليا، وفق ابراهيم الذي قد يجني قرابة خمسة آلاف دولار كربح صاف مقابل كل رحلة
تضم عشرين شخصاً. ويوضح «في السابق، كنا ننشر الخبر، أما حالياً فالناس هم من
يأتون إلينا».
تعليقات
إرسال تعليق