تشكل
القرارات الدولية المتعلقة بلبنان محورا أساسيا في علاقاته الدولية والعربية
وتتجدد المطالب بتطبيقها عند كل أزمة، بل يرى البعض عدم تطبيقها هو المشكلة الأساس
التي تعكر صفو علاقات لبنان مع محيطه العربي بالدرجة الأولى ومع المجتمع الدولي في
الدرجة الثانية.
ويأتي
القرار 1559 كأبرز القرارت التي تعود إلى الواجهة في هذه الأزمات والتي كان آخرها
تأزم العلاقة بين لبنان مع دول الخليج على خلفية مشكلات متراكمة يقف خلفها «حزب
الله» بشكل أساسي نتيجة تدخله في الحروب الخارجية خاصة في اليمن وسوريا قبل أن
تنفجر مع تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي المؤيد للحوثيين وتتخذ دول الخليج قرارا
بسحب السفراء وصولا إلى استقالة قرداحي.
واليوم
عادت القرارات الدولية لتوضع على الطاولة وتشكل الشرط الأساسي لتصحيح علاقة لبنان
مع الخليج وفق ما جاء في المبادرة الكويتية التي حملها وزير الخارجية الكويتي
الشيخ أحمد ناصر الصباح إلى المسؤولين اللبنانيين الذين بدأوا بحثها تمهيدا للرد
عليه يوم السبت المقبل وفق ما أعلن وزير الخارجية عبد الله بوحبيب.
وأثنى
البطريرك الماروني بشارة الراعي على المبادرة الكويتية وقال: «أكثر ما يعنينا هو
ما ردده وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح وهو تطبيق الطائف
والقرارات الشرعية ونزع السلاح غير الشرعي»، مجدداً مطالبته بمؤتمر دولي وإعلان
حياد لبنان وحل قضية اللاجئين السوريين والفلسطينيين.
ويبدو
وفق مصادر وزارية أن الرد اللبناني سيكون، إضافة إلى تأكيد لبنان على تمسكه
بالقرارات الدولية، ربط تطبيقها بما فيها تسليم سلاح «حزب الله» «بالقرار الإقليمي
الدولي»، وهو الجواب القديم الجديد الذين لن يؤدي إلى خطوات عملية وقد ينتج عنه
بحسب البعض ذهاب الوضع اللبناني إلى مزيد من التأزم سياسيا واقتصاديا، وهو ما عبر
عنه الوزير السابق، ومستشار رئيس حزب «القوات اللبنانية» للشؤون الخارجية، ريشار
قيومجيان.
وقال
لـ«الشرق الأوسط»: «العائق الأساسي في عدم تطبيق القرار 1559 هو تمسك (حزب الله)
بسلاحه وبانتمائه للمشروع الإيراني وتدخله في حروب المنطقة وصولا إلى خطفه
القرارات الدولية وسياستها الخارجية والدفاعية والسيطرة على حدودها».
ويستبعد
قيومجيان أن تأخذ السلطة الحالية أي موقف إيجابي تجاه المبادرة الكويتية «وقد نسمع
كلاما مكررا لا يفيد بأي شيء وسيؤدي إلى المزيد من الانهيار».
ويضيف
«الرئيس عون لطالما يعتبر نفسه عراب القرار 1559 لكنه اليوم وبكل بساطة يخون
المبادئ التي على أساسها بنى شعبيته وكما قايض في السباق هذه المبادئ للوصول إلى
رئاسة الجمهورية ها هو يستكمل المسار نفسه بهدف إيصال صهره رئيس (التيار الوطني
الحر) النائب جبران باسيل، وهو بالتالي مستعد أن يرهن كل البلد ويضحي به للوصول
إلى هذا الهدف».
وفي
رد على سؤال حول اعتبار البعض أن نزع سلاح «حزب الله» قرار خارجي وليس داخليا،
يقول قيومجيان «لا شك أن السلاح مرتبط بالقرار الإقليمي لكن هذا لا يعني أن نسمح
لـ(حزب الله) أن يأخذ الدولة والبلاد إلى المحور الإيراني وبالتالي المطلوب أولا
هو الرفض والمواجهة الداخلية بالوسائل الديمقراطية متسلحين بالقرارات الدولية».
ويقول
الباحث والأستاذ الجامعي مكرم رباح لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يتكلم البعض عن
القرار 1559 لا يعني أنهم يطلبون من المكون اللبناني أن يحمل السلاح بوجه (حزب
الله) الذي ينتمي إلى إيران بل المطلوب من الدولة اللبنانية أن تتصرف بسيادة ولا
أعتقد أن هذا القرار يشوبه تدخل خارجي»، ويؤكد «المطلوب هو موقف سيادي لبناني رسمي
كما كان الحال مع حكومة فؤاد السنيورة والحكومات المتعاقبة قبل أن تتبدل الأمور مع
انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية وهو المتحالف مع (حزب الله)».
وفيما
يشكك رباح بأن تتجاوب الدولة اللبنانية مع المبادرة الكويتية لا سيما فيما يتعلق
بتطبيق القرارات الدولية يقول: «لم يكن عون في أي يوم من الأيام داعما للقرار 1559
ولا لأي قرار سيادي بل كان يعتبر أن القرارات، كما هو حال تحالفه مع (حزب الله)،
أداة للوصول إلى الرئاسة، واستعمل قانون محاسبة سوريا ومن ثم القرار 1559 من أجل
تحسين ظروف المفاوضات»، مضيفا «سيستمر بهذا النهج التعطيلي والتواطؤ مع السلاح غير
الشرعي من أجل تحضير الأرضية لوصول صهره (باسيل) إلى السلطة».
والقرار
1559 اتخذ في مجلس الأمن في في 2 سبتمبر (أيلول) 2004 وأكد على الاحترام التام
لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي تحت سلطة الدولة
اللبنانية وحدها ودعا إلى حل جميع الميليشيات اللبنانية ونزع سلاحها مع بسط سيطرة
حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية.
ويشهد
لبنان في الفترة الأخيرة تحركات وتجمعات ترفع صوتها مطالبة بتنفيذ القرارات
الدولية والرافضة لسلاح «حزب الله»، وفي نهاية العام الماضي قدم رئيسا الجمهورية
السابقان أمين الجميل وميشال سليمان ورؤساء الحكومة السابقون فؤاد السنيورة وسعد
الحريري وتمام سلام مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حين زار
لبنان تظهر وجهة نظرهم لجهة التأكيد على ضرورة الالتزام الكامل بالدستور واتفاق
الطائف وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالشأن اللبناني ولا سيما 1559 و1680
و1701، كما أعلن أخيرا عن تأسيس «المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني».
«الشرق
الأوسط»...
تعليقات
إرسال تعليق