بذريعة معاداة السامية.. دويتشه فيله تفصل 5 صحفيين عربا من عملهم

أحمد الهواس / الجزيرة

بعد نحو شهرين من التحقيق مع عدد من الصحفيين العرب في دويتشه فيله-القسم العربي، صدر قرار بفصل 5 منهم في السابع من الشهر الجاري، ولم يذكر القرار سبب الفصل على نحو واضح، بل جاء تحت "أسباب مهمة"، في الوقت الذي ذكر فيه الصحفيون المشمولون بقرار الفصل أن سبب إنهاء عملهم جاء تحت بند "معاداة السامية".

وأثار قرار دويتشه فيله فصل هؤلاء ردود أفعال مختلفة؛ فثمة من رأى أنه مؤشر خطير يهدد استقلالية السلطة الرابعة في ألمانيا، ويدخل تحت مسمى تقييد حرية التعبير. وثمة فريق آخر رأى أن القرار طبيعي ويتسق مع القانون الألماني الذي يجرّم معاداة السامية ولا يعدها حرية رأي.

وكان المدير العام للشبكة الألمانية بيتر ليمبورغ قال في مؤتمر صحفي إنه تم فصل 5 صحفيين بعد تحقيقات استمرت شهرين وما زالت التحقيقات جارية مع 8 آخرين.

يذكر أنه قبل تشكيل اللجنة الخاصة بالتحقيق مع الصحفيين المتهمين بمعاداة السامية بإنكار الهولوكوست، كان الصحفي الألماني موريتس باومشتيغر نشر في صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مقالا تحت عنوان "معاداة السامية في دويتشه فيله.. محطة تغض الطرف". وعدّد بالأسماء 5 صحفيين عربا يعملون في القسم العربي في دويتشه فيله "يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي في معاداة السامية".

وتوالت بعد ذلك المقالات في الصحف الألمانية التي تؤيد ما كتبه الصحفي، ومنها صحف "دي فيلت" و"شبيغل أونلاين" و"فرانكفورت ألغماينر تسايتونغ" و"دي تسايت".

وشمل قرار الفصل الصحفيين: مرام سالم وفرح مرقة من فلسطين، وداود إبراهيم من لبنان، ومرهف محمود من سوريا، وباسل العريضي من لبنان وهو مدير مكتب دويتشه فيله في بيروت.

مرام سالم: عقد العمل الموقع بيننا وبين جهة العمل لا توجد فيه فقرة تمنع الحديث عن انتقاد سياسة إسرائيل (الجزيرة)

سبب فصلي

الصحفية مرام سالم قالت للجزيرة نت إن تحقيقا فُتح معها منذ شهرين "بعد أن نشر صحفي ألماني يتهمني بمعاداة السامية بسبب تغريدة نشرتها على صفحتي في فيسبوك عن وهم حرية التعبير في أوروبا. تم التحقيق معي ومع زملائي الخمسة عبر لجنتين داخلية وخارجية، وفي السابع من هذا الشهر تقرر فصلنا من العمل".

وعن سؤال للجزيرة نت عما إذا كان هذا الفصل جاء ضمن العقوبات التي يمكن أن يتعرض لها أي موظف يخالف النظام الداخلي لمهام عمله قالت: في حالتي تحديدًا لا يدخل في ذلك، بل حتى في عقد العمل الموقع بيننا وبين جهة العمل لا توجد فقرة تمنع الحديث عن انتقاد سياسة إسرائيل، بل هناك نصوص تخصّ الحريات، وكان يمكن توجيه تنبيه لي، ولكن ما حصل أنه تم فصلي من دون إبداء السبب؛ فقط كان سبب الفصل "أسباب مهمة" من دون توضيح.

وأضافت أن هذا العمل يدخل ضمن تقييد حرية الصحافة، واستغربت أن تفتّش لجان في دولة غربية في تغريدات على الصفحات الشخصية ويحول صاحبها للجنتين داخلية وخارجية فقط لأنه كتب "لا توجد حرية للتعبير في أوربا، بل هي وهم وأي حديث في القضية الفلسطينية سيتم محاسبتك وطردك من عملك".

فادي عبيد: القانون الألماني يُجرّم معاداة السامية ولا يصنّفها ضمن حرية التعبير عن الرأي (الجزيرة)

لا أعرف السبب

باسل العريضي قال للجزيرة نت إنه حتى الساعة "وعلى رغم إبلاغي بقرار الفصل الاثنين الماضي فلا أعلم الأسباب التي أدت إلى اتخاذ القرار. ما أبلغت به أن قرار الفصل جاء بعد رفع لجنة التحقيق تقريرها إلى إدارة القناة حول المزاعم التي طالتني حول "معاداة السامية". وهذه التهمة باطلة تماما كما أوضحت للجنة خلال التحقيق معي، لا سيما أننا العرب من الشعوب السامية ولغتنا العربية لغة سامية، وبالتالي لا يمكن أن أكون موضع اتهام بهذا الشأن، أو أن أكون عدو نفسي".

وأضاف أنه بعد قرار صرف مجموعة الصحفيين الخمسة الذين تم فصلهم الأسبوع الماضي وقدّم على أثره رئيس القسم العربي ناصر شروف استقالته، تم فصل زميلين آخرين؛ هما زاهي علاوي وياسر أبو معيلق (فلسطينيين) مما دعا مدير الأخبار محمد إبراهيم لتقديم استقالته. والتحقيقات لا تزال قائمة مع زملاء آخرين، وكلها تحت الذريعة عينها "معاداة السامية".

باسل العريضي: لا أعلم الأسباب التي أدت إلى اتخاذ القرار (الجزيرة)

القانون الألماني يجرّم معاداة السامية

الصحفي فادي عبيد قال إن القرار غير مستغرب بالنظر لموقف ألمانيا الحازم بهذا الشأن، حيث إن القانون الألماني يُجرّم معاداة السامية ولا يصنّفها ضمن حرية التعبير عن الرأي.

ويقول إن المشكلة أن كثيرا من أبناء الجاليات العربية في ألمانيا من مختلف المجالات يقعون في صعوبة التفريق بين حرية التعبير عن الرأي ومنه انتقاد إسرائيل وبين معاداة السامية واليهود وإنكار الهولوكوست، الأمر الذي قد يؤدي إلى مقاضاتهم قانونيا في ألمانيا.

ويشير إلى أنه لا بد من التنويه إلى أن كثيرًا من الخطابات والشعارات والآراء المتداولة بالدول العربية تعدّ في ألمانيا مخالفة للقانون وتُصنّف من الخطابات المعادية للسامية، وبعض الزملاء من الذين تمّ فصلهم يتعاملون أيضًا بازدواجية مع حقوق الإنسان؛ ففي الوقت الذي ينكرون فيه جرائم النظام السوري ضد السوريين، يتحدثون عن الانتهاكات التي تقع بحقّ الفلسطينيين. ويقول إن المنطلق هنا أيديولوجي أو طائفي، ومن هنا لا بد من الإشارة إلى أن بعض صحفيي القسم العربي بالقناة الألمانية يتبنّون موقفًا داعمًا للنظام السوري وآخر سلبيًا من المأساة السورية، وهذا ملموس في بعض التقارير والمواد الإخبارية بهذا الشأن، ومنهم من ينكرها وهو شاهد عليها.

تعليقات