«انتفاضة تويترية» ضدّ معادلته واحتجاج شعبي أمام منزله... ميقاتي مِن على «كرسي فوربس» يدعو اللبنانيين «بدنا نتحمّل بعضنا»

تكاد ألّا تمرّ جلسة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، التي اختارت عنوانها «معاً للإنقاذ»، من دون عاصفة سياسية هوجاء يختلط فيها الحابل بالنابل، أو حفلة تندُّر على طريقة الكوميديا السوداء.

فالحكومة، التي سلّم رئيسُها بشروط الآخّرين لـ«تركيبها»، تحوّلت سريعاً مرتعاً لـ «المصارعة الحرة» بين مكوناتها وأجنداتهم على مرأى من «أصدقاء لبنان» والمؤسسات المالية الدولية والغيارى على إنقاذه.

ولم يفاجئ الائتلافُ الحاكم الناسَ بسلوكه الذي اقتادهم إلى ما يشبه «المحرقة المعيشية»، بعدما كان استردّ زمام الأمور غداة انتفاضتهم البيضاء في أكتوبر الـ2019.

ورغم الضوضاء السياسية التي أحدثها التدافع بين مكونات حكومة ميقاتي حول موازنة «أُقِرّت ولم تُقَرّ» وتعيينات «تمت ولم تتم»، فإن «الفضيحة» كانت في مكان آخر وعبّر عنها بالفم الملآن رئيس الحكومة بنفسه. فميقاتي الذي لم تَخْلُ إطلالاته من جلبة على مواقع التواصل الاجتماعي وموجات تندُّر وهجاء، تارة لحرمانه من الذهاب إلى المطعم وطوراً لإسقاطاته غير الموفقة على المرأة المطلقة، «ضرَب» من جديد في تبريره موازنة حكومته.

فبعد جلسة «هرج ومرج» للحكومة يوم الخميس خرج رئيسها قائلاً: «ما بقى نقدر نعطي كهربا ببلاش واتصالات ببلاش، لأن ما بقى في مصاري. وإذا قال المواطن أموالي بالمصارف نقول له معك حق، بس بدنا نتحمل بعضنا كلنا سوا».

ولم يكن جفّ حبر كلامه حتى تحوّلت «مطالعة» ميقاتي «تراند» على تويتر والمادة رقم واحد لـ «التندر» على وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، بمشاركة نشطاء سياسيين وفنانين وناس عاديين، هالهم ما قيل.

فرئيس الحكومة الذي يستوطن كرسياً دائماً في «فوربس» تجاسَر على نفسه في دعوته اللبنانيين الذين تحوّلوا جيشاً من الفقراء والمعدَمين إلى «تحمل بعضنا سوا» ما أشعل موجة عارمة من التهكم المُر والسخط الأمرّ.

ثمة مَن يعتقد ان ميقاتي، الذي ربما رغب في دعوة الجميع إلى التضامن الاجتماعي في أوقاتٍ ما فوق حرجة لإنجاز مسار الإنقاذ الذي اعتبر أنه أشبه بـ «عملية كاميكاز»، لم يكن موفقاً في صوغ معادلة «بدنا نتحمل بعضنا»... المنظومة وضحاياها، أصحاب الشهوة المفتوحة على السلطة و«الجائعين بسببهم»، وأرباب المشاريع الإقليمية و... وقودها.

وسريعاً قفزت التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى مقاربات ومقارنات بين مليارات رئيس الحكومة في الخارج وأموال اللبنانيين المنهوبة في الداخل، وبين اليخت الفاره وأخواته و«الأفواه الجائعة» وفقراء طرابلس ومعهم غالبية اللبنانيين المترنحين فوق خط الفقر وتحته.

والأكثر إثارة في التعاطي مع «عاطفة» ميقاتي والعاصفة ضده، في معرض حرصه على المال العام بقوله ان «ما بقي في كهربا واتصالات ببلاش»، هو ما ذهبت إليه تعليقات رأت أن الكلام هو أبعد ما يكون عن... زلة لسان.

فبحسب هؤلاء أن «عالَم» الرئيس ميقاتي ربما لا يدرك أن فاتورة الكهرباء «المزدوجة» للدولة والمولّد هي الأغلى في العالم، وأن الشعب موّل العتمة بـ40 مليار دولار وأكثر من جيبه، وأن الاتصالات التي اعتُبرت يوماً بمثابة «نفط لبنان» ودجاجته التي تبيض ذهباً هي من الأعلى كلفة في المعمورة.

ولم يكن عابراً أن «الانتفاضة الافتراضية» بوجه رئيس الحكومة، انفجرت أمس احتجاجاً أمام منزله في وسط بيروت، وذلك اعتراضاً على موقف «بدنا نتحمّل بعضنا» وسط انتشار لعناصر مكافحة الشغب. وحاول المحتجون اجتياز الحواجز الحديد، إلا أن القوى الأمنيّة تصدت لهم طالبة منهم «التروّي كي لا نضطرّ للتصرّف بقوّة لمنعكم من الاقتراب».

وقال أحد المُحتجّين «الكهرباء مقطوعة منذ أسبوعين وتواصلنا مع شركة كهرباء لبنان والردّ كان مسروق الشريط شو فينا نعمل، من هنا فليتحمّلنا ميقاتي في منزله».

«الراي»

 

تعليقات