كتبت
صحيفة "اللواء"
كأن للمسلسل الرعبي، بطريقة بوليسية
في جمهورية باتت الأوصاف التي تطلق عليها، لا تجوز، باعتبارها جلد للنفس، بل سبب،
سوى أخطاء مضت على مستوى الخيار والقرار، وادخلت البلد منذ 5 سنوات ونيف في دهاليز
التشتت والتمزق، والتفتت، فضلاً عن الانهيارات المتتالية في الأوضاع النقدية
والمالية والمعيشية والاقتصادية والوطنية.
وكأن مسرحية الادعاءات القضائية لم
تتوقف، إذ ادعت المدعي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على مدير
عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، واحالت الدعوى امام قاضي التحقيق الأوّل
القاضي نقولا منصور، الذي حدّد جلسة الأسبوع المقبل، وبلغه عبر وزارة الداخلية،
كما طلب منصور من مديرية أمن الدولة تفاصيل ما جرى أثناء التوجه إلى منزل سلامة
أمس الأوّل.
في هذا الوقت، لم يغادر حاكم مصرف
لبنان رياض سلامة لبنان، كما تردّد، وبقي في مقر المصرف المركزي يمارس مهامه
كالمعتاد. وهو ترأس أمس إجتماعاً للمجلس المركزي الذي بحث أموراً نقدية. ووصفت
مصادر سياسية سيناريو القاضية عون، بالادعاء على اللواء عثمان، من دون أي مسوغ
قانوني، بانه ياتي ضمن الحروب الدينكشوتية للعهد والنائب جبران باسيل ضد من
يعتقدون انهم من خصومهم السياسيين، في اطار تصفية الحسابات والمكايدة السياسية،
وقالت: ان مثل الحروب، لن تؤدي إلى أي نتائج ولن تفيد العهد وتياره، باستنهاض
الشارع العوني المبعثر على ابواب الانتخابات النيابية، وانما سترتد سلبا عليهم،
لانه لم يعد باستطاعة رئيس الجمهورية، اجراء أي تشكيلات أو تعيينات ادارية أو
أمنية بنهاية عهده، أو إعادة تلميع صورته امام الرأي العام بعد سلسلة الاحباطات
والفشل الذريع بممارساته وسياساته.
واعتبرت المصادر ان عون وتياره
يراكمان الخسائر السياسية، بعد سلسلة من الخيارات والتصرفات الخاسرة بدءا من فشل
التعديلات على قانون الانتخابات النيابية، وصفقة المقايضات الشهيرة بالتعيينات
وملف ازاحة القاضي طارق البيطار، وتعذر الدعوة لعقد طاولة الحوار الوطني في بعبدا.
وتوقعت المصادر السياسية ان يكون لسيناريوهات
الملاحقات المفبركة على قياس العهد، ردود فعل عكسية، ونتائج سلبية ترتد على العهد
وتزيد من النقمة الشعبية العارمة عليه.
هكذا، استمر الاشتباك السياسي على
خلفية قرارات القاضية غادة عون توقيف حاكم مصرف لبنان والادعاء على المدير العام
للامن الداخلي اللواء عماد عثمان «بالجرم المشهود» أمام قاضي التحقيق الاوّل في
جبل لبنان نقولا منصور، بينما يعقد مجلس الوزراء جلسة الاسبوع المقبل لم يتم تحديد
موعدها بعد، يتابع خلالها درس خطة الكهرباء بعد ترجمتها الى اللغة العربية وتعديل
ما امكن منها في ضؤ ملاحظات الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي والوزراء، وبنوداً
اخرى ومنها تقرير وزير الداخلية حول إنشاء «الميغا سنتر» لإقتراع الناخبين في
اماكن سكنهم، وهو الامر الذي اثار ايضاً سجالاً سياسيا حيث اعتبره معارضو العهد
والتيار الوطني الحر «انه دليل هلع وهروب الى الامام».
المستقبل وعون واللواء عثمان
فقد أعلنت القاضية غادة عون أن «هناك
محضرين رسميين من أمن الدولة يوثقان رسمياً ما حصل (خلال مداهمة امن الدولة
منازل ومكتب الحاكم سلامة)، بالإضافة إلى فيديو يثبت أن منع تنفيذ مذكرة الإحضار
حصل بأمر من اللواء عماد عثمان بعد تهديد عناصر أمن الدولة بأن الإصرار على
التنفيذ سيؤدي إلى مواجهة».
وقالت: أن كل الوقائع موثقة بمحاضر
رسمية صادرة عن جهاز أمن الدولة، وقد تم سحب عناصر أمن الدولة منعاً لحصول إصطدام.
لذلك أنني بصدد الإدعاء على اللواء عماد عثمان. وفعلاً، حدّد القاضي نقولا منصور
جلسة إستماع للواء عثمان يوم الخميس من الاسبوع المقبل في 24 الجاري، وأبلغه عبر
وزارة الداخلية.
كما طلب منصور وفق معلومات اعلامية
من مديرية أمن الدولة تفاصيل ما جرى أثناء التوجه الى منزل سلامة أمس الاول. وقد
اطلعت النائب السيدة بهية الحريري من الرئيس نجيب ميقاتي على مسار الادعاء على
عثمان، وقالت: نرفض السكوت المريب عن ارتكابات غادة عون. فقد اتصلت رئيسة كتلة
المستقبل النيابية النائب الحريري باسمها وباسم كتلة المستقبل بالرئيس ميقاتي
واطلعت منه على مسار الادعاء على مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان من
قبل القاضية غادة عون حيث اكد لها الرئيس ميقاتي موقفه الرافض لتصرفات القاضية
غادة عون وان اللواء عثمان قام بكامل واجباته وكان على تنسيق كامل معه ومع وزير
الداخلية والبلديات واشاد الرئيس ميقاتي بمناقبية وحسن اداء اللواء عثمان واعتبر
ان هذا الادعاء هو محض افتراء ولا يمت للحقيقة بصلة.
واكد الرئيس ميقاتي للنائب الحريري
انه سيتابع شخصياً هذا الموضوع مع وزير العدل ومدعي عام التمييز لوقف هذا التمادي
بالاعتداء على مؤسسات الدولة وهيبتها وكرامات القيمين عليها.
من جهتها، اكدت النائب الحريري باسم
كتلة المستقبل رفضها المطلق لهذا التجاهل المستمر من قبل الهيئات الرقابية
القضائية ورؤساء القاضية عون ولهذا السكوت المريب عن ما ترتكبه من مخالفات قانونية
بإسم القانون تنفيذاً لمآرب سياسية ونزوات شخصية اصبحت معروفة للجميع. واكدت
الحريري لميقاتي بأن كتلة المستقبل النيابية لن تسكت عن هذه التجاوزات التي من شأن
الاستمرار فيها ان يؤدي الى ما لا تحمد عقباه.
وسألت النائب الحريري هل يجوز
للقاضية غادة عون ان لا تطبق القانون على نفسها وتعتدي باسم القانون على غيرها؟!
..... وقالت: ان كتلة المستقبل ستتابع هذه القضية ضمن مختلف الاطر وصولاً الى طلب
جلسة مناقشة نيابية عامة لمساءلة وزير العدل عن الارتكابات التي تقوم بها القاضية
عون. وصدر عن «تيار المستقبل» امس، بيان حول الادعاء على اللواء عثمان قال فيه:
آخر البدع التي يرتكبها رئيس الجمهورية تغطية قرار القاضية غادة عون بالادعاء على
مدير عام قوى الامن الداخلي بتهمة عدم القيام بواجباته الامنية والقانونية بحماية
شخصية عامة جرى تكليف قوى الامن بحمايتها هو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
اضاف: سيقول المكتب الاعلامي لرئاسة
الجمهورية أن هذه الاخبار مجرد فبركات للنيل من العهد وسيده، ونحن نقول ونجزم أن
القاضية عون بعد أن فشلت أمس بمحاولة تنظيم اشتباك بين قوى الامن الداخلي وجهاز
أمن الدولة، تتحرك بأمر مباشر من رئاسة الجمهورية ولغايات لم تعد خافية على أحد.
رئيس جمهورية الرابية وتوابعها يعلن النفير العام لخوض الانتخابات النيابية، ويفتح
لحساب تياره السياسي عدلية خاصة تقف على رأسها غادة عون.
وتابع: ان استهداف قيادة قوى الامن
الداخلي بعد حاكمية مصرف لبنان بهذا الشكل الفج والمريب، هو أمر مرفوض بكل
المقاييس لاسيما وانه يأتي بعد الاعلان عن انجازات كبيرة لقيادة قوى الامن في
اكتشاف شبكات التخريب والارهاب ووضع اليد على عصابات الخطف والسلب والتهريب. وختم
قائلاً: محاولة النيل من اللواء عماد عثمان لن تمر مهما جيشوا الى ذلك سبيلاً.
ولاحقاً رد مكتب الاعلام في رئاسة
الجمهورية قائلاً: لليوم الثاني على التوالي يواصل «تيار المستقبل» بث الاكاذيب
والاضاليل عن دور مزعوم لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون في التدخل في عمل القضاء
في ما يتعلق بوضع حاكم مصرف لبنان.إزاء هذا التمادي السافر يهم مكتب الاعلام في
رئاسة الجمهورية التأكيد على الآتي:
- اولا: إن رئيس الجمهورية غير معني
بأي إجراء يتخذه القضاء او الاجهزة الامنية المختصة. وبالتالي فإن إدعاءات « تيار
المستقبل» لها خلفيات ثأرية تهدف الى إضفاء طابع تحريضي على مقام رئاسة الجمهورية
وشخص الرئيس وهذا واضح من خلال العبارات المستعملة في البيانات الصادرة عن هذا «
التيار» والمواقف المعلنة من مسؤولين فيه.
- ثانيا: إن رئاسة الجمهورية تؤكد
أنه مهما استمرت الحملات التحريضية والادعاءات الباطلة فإنها لن تثنيها عن
الاستمرار في المطالبة بمعرفة مصير 69 مليار دولار فُقدت من اصل 86 مليار دولار
اودعتها المصارف اللبنانية في مصرف لبنان من مجموع اموال المودعين اللبنانيين
وغيرهم. مع العلم بأن ما استدانته الدولة اللبنانية بالعملات الاجنبية من المصرف
المركزي لم يتجاوز 5 مليارات دولار، من هنا كانت مطالبة رئيس الجمهورية بالتدقيق
الجنائي للاجابة على هذا السؤال الكبير الذي يقلق اللبنانيين واشقائهم واصدقائهم
في الداخل والخارج.
- ثالثا: إن حملة التضليل الممنهجة
التي يقوم بها «تيار المستقبل» ومن يجاريه فيها، تهدف الى عرقلة عمل القضاء لتغطية
جرائم مالية ارتكبت بحق الشعب اللبناني الذي من حقه معرفة المسؤولين عن تبديد
امواله وسرقتها، ولا تراجع بالتالي عن هذا الهدف مهما اشتدت الضغوط وتعددت
البيانات الكاذبة والادعاءات السافرة من اي جهة اتت.
وفي السياق، غرّد رئيس الحزب التقدمي
الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على «تويتر»: أيهما أفضل أن يعتقل جهاز أمن
الدولة حاكم مصرف لبنان وتوضع المؤسسة تحت الحراسة القضائية، أم أن نضع برنامجًا
يحفظ حقوق المودعين بالاشتراك مع صندوق النقد الدولي لوقف الانهيار؟ ومن جهة أخرى
لماذا الاعتراض المفاجئ للمساعدات الأميركية للجيش اللبناني وكأن الأمر كان
سرياً؟......
كما صدر عن رئيس حزب «القوات
اللبنانية» سمير جعجع بيان قال فيه: يصر فريق العهد على فتح مواجهات يمينا ويسارا
بهدف التغطية على فشله وإيصاله البلد إلى الانهيار والإفلاس والكارثة والعزلة،
وآخر معاركه التي اعتادت عليها الجمهورية منذ اعتلائه سدة الرئاسة الأولى، الادعاء
على المدير العام لقوى الأمن الداخلي في محاولة لإخضاع هذه المؤسسة لأنها ترفض
تنفيذ رغبات شخصية. كما ترفض أن تتحول أداة لتصفية الحسابات السلطوية.
أضاف: في الوقت الذي يقوم فيه البلد
حاليا على المؤسستين الأساسيتين المتمثلتين بالجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي،
التي بالأمس القريب سجل لها اكتشاف عدد كبير من شبكات التجسس، وفي الوقت الذي يجب
أن يكون هم العهد التخلص من السلاح غير الشرعي، نراه يرتد في اتجاه ضرب السلاح
الشرعي، كما كان قد فعل بالأمس حليفه السيد حسن نصر الله الذي شن هجوما مماثلا على
الجيش اللبناني. ولذلك، لا نستغرب إصرار تحالف العهد -حزب الله على محاولة تدمير
ما تبقى من مؤسسات في الجمهورية بعد تدميره البلد وإيصاله إلى جهنم.
تعليقات
إرسال تعليق