قالت
مجلة "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية إن قضية حاكم (محافظ) مصرف لبنان
المركزي "رياض سلامة" قد تتسبب في تورط المحاكم الأوروبية بالمأزق
السياسي اللبناني.
وعلقت
المجلة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، على منع النائب العام اللبناني
"غسان عويدات" للقاضي "جان طنوس" من المشاركة في اجتماع قضائي
أوروبي لمساءلة "سلامة"، والذي يبدو أنه "مسنود" سياسيا داخل
لبنان بشكل كبير، وهي الخطوة التي أغضبت حكومات أوروبية، أبرزها فرنسا وألمانيا وسويسرا.
وقالت
المجلة إن الأزمة السياسية اللبنانية أفقدت القاضي "طنوس"، الذي كان
مكلفا بالتحقيق في مخالفات "سلامة" المالية الضخمة، ولايته القضائية،
على ما يبدو، داخل لبنان وخارجها.
ويُنظر
إلى سياسات "سلامة" المصرفية على نطاق واسع على أنها المحرك الرئيسي
وراء التدهور المالي في البلاد، ويواجه حاكم مصرف لبنان أيضا تحقيقات قضائية في
فرنسا وسويسرا، من بين دول أوروبية أخرى.
و"سلامة"
تلاحقه اتهامات أيضا بالفساد المالي، والسطو على أموال المودعين، وغسل وتبييض
الأموال، وإغراق لبنان في تلال من الديون الخارجية عجزت البلاد عن سدادها، وهو ما
جعلها في عداد الدول المفلسة والمتعثرة.
وتتهمه
جهات في لبنان أيضا بالتستر على تحويلات غير مشروعة تمت للخارج لصالح مسؤولين
نافذين في البلاد، عقب اندلاع ثورة شعبية على النظام الحاكم في أكتوبر/تشرين الأول
2019. لكن "سلامة"، الذي يتولى منصبه منذ عام 1993، نفى مرارا مزاعم
الفساد.
وقالت
المجلة إنه في 24 يناير/كانون الثاني، انتظرت وكالة الاتحاد الأوروبي "Eurojust" المسؤولة عن التعاون القضائي في هذه القضية، عبثًا، أن يحضر
نائب المدعي العام اللبناني، المسؤول عن التحقيق في لبنان، القاضي "جان
طنوس"، إلى اجتماع في باريس، لكن يبدو أن رئيس "طنوس"، النائب
العام اللبناني "غسان عويدات" أمره بعدم الذهاب.
وأضافت:
"كما نفهم، فإن غياب طنوس جاء بعد عدة أيام من المحادثات الساخنة بين عويدات
والعضو الوطني الفرنسي في يوروجست، القاضي بودوان ثوفينوت". وقد انزعج القاضي
الفرنسي من القرار المفاجئ للوفد اللبناني بإضافة "رجا حموش" كقاضي ثانٍ
في القضية في 22 يناير/كانون الثاني، حيث شعر "ثوفينوت" بأن
"حموش" قد تم إحضاره لمراقبة وتلجيم "طنوس"، الذي كان ناشطا
للغاية في تلك القضية. وفي الأخير، فضل "عويدات" إلغاء رحلة الوفد
اللبناني بحجة عدم تلقيه دعوة رسمية.
وبالإضافة
إلى إعاقة التحقيقات الأوروبية، أدى إجهاض "عويدات" للزيارة إلى تقويض
ثقة المحاكم الأوروبية المتآكلة بالفعل في مكتب المدعي العام اللبناني، تقول
المجلة.
ويضيف
التقرير أنه في 11 يناير/كانون الثاني، داهم "طنوس" مع عناصر من جهاز
أمن الدولة، خمسة مصارف وحاول إلزام موظفي أقسام المحاسبة بتنفيذ قرار قضائي
بتسليمه كامل الكشوفات الخاصة بحركة حسابات "رجا سلامة"، شقيق محافظ
البنك المركزي قيد التحقيق "رياض"، والمتهم بدوره في اختلاسات عبر شركة
"Forry Associates"، في جزر فيرجن
البريطانية. لكن "عويدات" تدخل أيضا وطلب من "طنوس" إنهاء
مهمته، وقيل إن الأمر جاء بضغط مباشر من رئيس الحكومة "نجيب ميقاتي".
وقالت
"إنتلجنس أونلاين" إن مهمة "طنوس" يبدو أنها تزاداد صعوبة،
لكن هناك مبادرة لبنانية موازية لملاحقته تقودها قاضية جبل لبنان "غادة
عون"، ويبدو أنها تأتي بإيعاز من قريبها الرئيس "ميشال عون" وصهره
"جبران باسيل". وقد استدعت "غادة عون"، "رياض
سلامة" للمثول في إطار تحقيق في تهم الاختلاس وغسيل الأموال.
وكشفت
المجلة أن قاضية جبل لبنان تود أيضًا أن تمرر إخطارات إلى مكتب المدعي المالي
الوطني الفرنسي ومكتب المدعي العام السويسري للمشاركة في التحقيقات، لكن كلاهما
يتوخى الحذر بشأن الخوض في هذا المأزق السياسي والقانوني في بيروت.
وفي
أحدث خطوة حتى الآن، قال مسؤولون بجهاز أمن الدولة في 15 فبراير/شباط الجاري، إنهم
حاولوا اعتقال "سلامة"، حيث بحثوا عنه في عدة أماكن، بما في ذلك المقر
الرئيسي لبنك لبنان، وفي عنوانين شخصيين"، مشددة على أن "قوى الأمن
الداخلي منعت عناصر أمن الدولة من دخول الموقع الثالث"، والذي تم تحديده على
أنه منزل سلامة، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان رياض سلامة داخل هذا الموقع، إلا
أن عون وصفت تلك العرقلة بأنها "غير قانونية وإجرامية".
ومددت
"عون"، أمر استدعاء "سلامة" إلى أجل غير مسمى، قائلة إنها
"ستواصل ملاحقته" حتى تقدمه إلى المحكمة، مضيفة: "لدي أسئلة مهمة
لطرحها عليه حول خسائر المصرف المركزي وغيرها".
(المصدر
: الخليج الجديد)
تعليقات
إرسال تعليق