لوبوان: صورة لفتاة محجبة تجسيدا لمستقبل أوروبا تثير الجدل في بروكسل

محجبة ترفع العلم الأوروبي (غيتي)

مرة أخرى، يثير "الحجاب الإسلامي" الخلاف في أوروبا، بعد أن طالب نائب فرنسي بسحب صورة لشابة ترتدي حجابا مستندة على درج قرب مقر المفوضية الأوروبية، مرفقة برسالة تقول "اجعل صوتك مسموعا، المستقبل بين يديك"، وهي واحدة من بين 17 صورة أخرى لحملة تعزيز مشاركة المواطنين في مؤتمر مستقبل أوروبا.

وقالت مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية إن هذه الصورة أثارت ضجة بين اليمين، وقد أرسل فرانسوا كزافييه بيلامي، رئيس مجموعة حزب "الجمهوريون" (Les Républicains) الفرنسي في البرلمان الأوروبي، رسالة إلى الرؤساء الثلاثة الشركاء لمؤتمر مستقبل أوروبا، منددا "بالخلط الكامل بين الأمور"، ومتسائلا "هل تودون أن يكون مؤتمر مستقبل أوروبا مرحلة جديدة تروج فيها المؤسسات الأوروبية للحجاب الإسلامي؟!".

وأوضحت المجلة -في مقال بقلم إيمانويل بيريتا- أن هذه الصورة الجديدة تسهم في إضفاء الشرعية المؤسسية على الحجاب من قبل الهيئات الرسمية، وذلك بعد مشاركة المفوضية الأوروبية بأموال عمومية في تمويل حملة تشير إلى أن "السعادة في الحجاب"، مع أن الحجاب يعتبر عادة دينية مفروضة على المرأة من قبل المسلمين، وهو في هذه الصورة ملبوس وفقا للمتطلبات الصارمة للإسلام الراديكالي، حتى لا يكشف عن خصلة شعر واحدة".

لقطة شاشة من الصورة المثيرة للجدل كما ظهرت في موقع المفوضية (الجزيرة)

ليست ترويجا للحجاب

وأشار الكاتب إلى أن مؤتمر مستقبل أوروبا تشترك في تنظيمه ورئاسته مؤسسات الاتحاد الأوروبي الثلاث، المفوضية والبرلمان والمجلس، غير أن الصورة المذكورة اختارها البرلمان الأوروبي، وهي من بنك الصور المستخدم لدعم حملة التعبئة هذه، علما أن البرلمان الأوروبي من أكثر المؤسسات في المشهد الأوروبي "تقبلا للاختلاف"، وبالتالي فلا غرابة في أن تقدم شابة محجبة على أنها مستقبل أوروبا.

وبسبب الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي، يشارك وزير الدولة للشؤون الأوروبية كليمان بون حاليا في رئاسة مؤتمر مستقبل أوروبا نيابة عن المجلس الأوروبي، إلى جانب رنيو غاي فرهوفستات عن البرلمان ودوبرافسكا سويكا عن المفوضية، وهو يتحاشى إثارة الجدل مع أنه لم يكن شخصيا من "اختار" هذه الصورة، مؤكدا أن "هذه الصورة ليست ترويجا للحجاب مثل الحملة التي أوقفناها في نوفمبر/تشرين الثاني 2021″، عندما أطلق مجلس أوروبا حملة بعنوان "الحرية في الحجاب"، وتدخلت فرنسا لوقفها.

وأكد وزير الدولة للشؤون الأوروبية أن الحجاب ليس محظورا في فرنسا ولا في أي من الدول الـ26 الأخرى، وقال "يجب ألا نخلط كل الأمور"، إلا أن بيلامي في رسالته، أصر على حقيقة أن "ارتداء الحجاب يُفرض الآن، وأحيانا عن طريق الإكراه والعنف في العديد من البلدان الإسلامية، وفي العديد من المناطق داخل بلداننا الأوروبية للأسف".

وذكر بيلامي بأن المحامية نسرين ستوده الفائزة بجائزة ساخاروف عام 2012، اعتقلت في إيران عام 2018 لخلعها الحجاب والدفاع عن النساء اللاتي يرفضن الحجاب، بحجة أن هذه الجريمة "إهانة للمرشد الأعلى" و"تحريض على الفجور"، وحكم عليها بالسجن 12 عاما و148 جلدة.

"خجلة من أوروبا هذه"

وتساءل كاتب الرسالة كيف يمكن للمؤسسات الأوروبية، في ظل هذه الظروف، أن تسلط الضوء على المستقبل من خلال صورة المرأة المحجبة؟ وقال "بصفتكم رؤساء لهذا المؤتمر، هل تعتقدون أنه من المسؤولية تطبيع ما تبقى من علامات الاضطهاد لملايين النساء في جميع أنحاء العالم؟".

وقد انضمت أسيتا كانكو، عضوة البرلمان الأوروبي البلجيكية إلى طلب بيلامي سحب الصورة وكتبت تقول "أنا خجلة من أوروبا هذه الخاضعة للإسلاموية. أشعر بالخجل من أوروبا هذه التي تتخلى عن النساء المسلمات وترى رمز السيطرة عليهن كملحق فولكلوري. لن أدعم مثل هذا النفاق. سأكون دائما إلى جانب الحرية والمساواة. يجب أن يتجسد مستقبل أوروبا في قيم التنوير لا في استعباد النساء. تجب إزالة هذا الملصق ويستحق البرلمان أن يوجه إليه استفسار".

وختم الكاتب بأن هذا الجدل يردد صدى جدل آخر يرتفع حاليا حول حظر الحجاب في المنافسات الرياضية في فرنسا، بعد أن صوّت أعضاء مجلس الشيوخ على تعديل يحظر "العلامات الدينية الواضحة" خلال أي مسابقة رياضية، وهو ما ألغاه نواب "الجمهورية إلى الأمام" (LREM) الذي أسسه الرئيس إيمانويل ماكرون عام 2016.

(المصدر : لوبوان / الجزيرة)

x

تعليقات