لبنان يراهن على «عودة عربية» لاحتواء تداعيات اتفاق إيران

منير الربيع ـ الجريدة

وسط كل التطورات التي تعصف بالوضع في المنطقة، يقف لبنان على مفترق طرق مصيري. يرفع حزب الله سقف التحدي إلى حدود كبيرة، فهو لا يتحدى فقط خصومه في الداخل، إنما التحدي الرئيسي بالنسبة إليه هو إحداث تغيير جذري في هوية البلد وسحبه من عمقه العربي باتجاه المشروع الإيراني. هذا ما يريد الحزب تكريسه في الانتخابات النيابية المقبلة، من خلال مواقف متكررة لأمينه العام حسن نصرالله تشير إلى ضرورة الفوز بالأغلبية النيابية المطلقة لتكريس واقع سياسي وتشريعي ودستوري جديد ينجح بموجبه الحزب من فرض خياراته على الدولة اللبنانية.

في مواجهة هذا الخطاب الواضح المعالم للحزب، والذي تدعو فيه قيادات حزبية متعددة لضرورة قضم نفوذ خصومهم واجتثاثهم من السلطة، تحاول الدولة اللبنانية السعي إلى ترتيب العلاقات مع الدول العربية والخليجية، وإعادة الاعتبار لدور لبنان العربي والدولي، وهذا ما حاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تكريسه خلال اللقاءات التي عقدها في الدوحة، والتي ستستكمل من خلال زيارة سيجريها وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن إلى بيروت في المرحلة المقبلة لمواكبة مسار استعادة العلاقات وتفعيل الدور اللبناني على الساحة العربية .

وتشير مصادر قريبة من ميقاتي إلى أن اللقاءات التي عقدها مع مسؤولين عرب ودوليين في الدوحة كانت إيجابية لجهة البحث في المساعدات التي يحتاجها لبنان بالمرحلة المقبلة، بالإضافة إلى البحث في ملف الكهرباء وإنشاء المعامل حيث طلب ميقاتي مساعدة قطرية بهذا الشأن، كما بحث في ملف ترسيم الحدود والتنقيب عن النفط مع ممثلين عن شركة «توتال» الفرنسية وهي إحدى الشركات التي فازت بمناقصات التنقيب في البلوكات اللبنانية.

أمام هذا المسار، يبرز مسار آخر يرتبط بحزب الله ومن خلفه إيران وكان قد تجلى في زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى بيروت قبل أيام، إذ أكد استعداد بلاده لبناء معامل للكهرباء، وهو أمر لا يمكن للبنان الموافقة عليه حالياً لمجموعة أسباب أولها العقوبات الأميركية على طهران، وثانيها حرص لبنان على العلاقات العربية والبحث عن مساعدة من الدول العربية في مساعدته بهذه المجالات، سواء على صعيد بناء المعامل أو إنجاز عملية استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية في المرحلة المقبلة.

كل ذلك يحصل والمنطقة تشهد مروحة من التحولات الجيوسياسية بدأت مع لقاء شرم الشيخ، واستكملت في لقاء العقبة وبعدها في اللقاء الذي ضم وزير الخارجية الأميركي مع وزير خارجية إسرائيل وأربعة وزراء خارجية عرب، من الواضح أن هذه القمة هدفها الضغط على الإدارة الأميركية لعدم الذهاب إلى توقيع إتفاق نووي مع إيران، وبحال كان لا بد من توقيع الإتفاق فإن البحث بين هذه الدول سيتركز على مرحلة ما بعد الاتفاق وكيفية التعاطي معه لعدم السماح لإيران وحلفائها من استثمار ذلك سياسياً.

في هذا الإطار، فإن لبنان سيكون ذات انعكاس مباشر لكل هذه المتغيرات، وهنا تضع مصادر دبلوماسية عربية عودة السفراء الخليجيين إلى لبنان في سبيل مواكبة هذه التحولات وكي لا يكون لبنان ساحة فارغة ومفتوحة أمام الإيرانيين وتكريس ما يريدونه سياسياً ودستورياً عبر حزب الله.

وهنا فإن عملية شد الحبال ستستمر في المنطقة وفي لبنان تحديداً من خلال الانتخابات التشريعية التي ستحصل في شهر مايو المقبل، وبعدها في استحقاق رئاسة الجمهورية.

تعليقات