بقلم: إيمان عنتر / بوابة صيدا
السعادة الزوجية واقع أم خيال؟ عنوان أحببت أن أتكلم عنه،
من واقع عملي في الاستشارات النفسية والأسرية، وجدت أن أكثر من ٩٠% من الاستشارات
التي تصلني عن الحياة الزوجية، أن أكثر النساء تشتكي أنها لم تجد السعادة التي
كانت تحلم بها مع زوجها، وقليل من الاستشارات من الرجال التي وصلتني، لأن الرجال
عادة لا تلجأ إلى الاستشارة مثل النساء يقولون كلام مشابه.
فبعد تفكير عميق وبحث دقيق بهذا الموضوع، سألت نفسي لماذا
أغلب الاستشارات تصلني متشابهة عن موضوع السعادة الزوجية، وأنهم وجدوها وهم وخيال
وليس واقع حقيقي ملموس!!
وجدت أن التربية التي تلقيناها منذ الطفولة تغرس في عقل
الفتاة أن السعادة بالزواج، وأن السعادة لن تجدها أي فتاة إلا إذا تزوجت، طبعا أنا
لست ضد الزواج فهو مقصد مهم من مقاصد الدين الحنيف، ولكن ماذا لو هذه الفتاة لم
يكتب لها الزواج؟ فالزواج بالنهاية رزق من رب العالمين، وربما لم يكتب لفتاة أن
ترزق بالزواج، فهل يعني هذا أنها لم تجد السعادة في الحياة؟ طبعا هذا تفكير غير
منطقي ولا يرضى به المولى عز وجل لعباده.
إذن هذا دليل قوي أن مفهوم ربط السعادة بالزواج مفهوم
خاطىء وغير صحيح، لأن السعادة ليست شيء نستطيع أن نشتريه أو نأخذه من الآخرين، أو
أنها شي مادي ملموس ممكن أن نجده عند من سكنوا القصور وعاشوا حياة الغنى والترف،
بل على العكس هذه الفئة هم أيضا يبحثون عن السعادة في الحياة الزوجية.
فمن أهم النتائج التي توصلت لها، هي التنشئة الاجتماعية
الخاطئة التي تربينا عليها عن مفهوم السعادة الزوجية، أن السعادة كل السعادة نحصل
عليها من خلال الزواج أو لا سعادة أصلا.
طبعا أنا أشجع وأحث على الزواج، ولكن لا أشجع على غرس
مفهوم أن السعادة بالزواج ونقطة على السطر.
فمن أراد السعادة يجب أن يعرف جيدا أنها لا تستمد من
الأشخاص، لا من زوج ولا من زوجة ولا من ولد ولا من أي شخص على الاطلاق.
فالسعادة تستمد من أنفسنا، إذا أردنا أن نحيا سعداء.
فالزواج نعم هو عبارة عن سكن ومودة ورحمة، ولكن فيه من
التحديات والصعوبات الكثير الكثير واختلاف بطبيعة ونفسية وفكر كل من الزوجين. فإن
أوقفنا سعادتنا أن نأخذها من زوج أو زوجة فلم نشعر بالسعادة مطلقا، وإن كان المطلب
الأساسي من الحياة الزوجية السعي لإسعاد كل شريك شريكه، ولكن إن لم يتحقق هذا
المطلب فلا يعني هذا أن نوقف سعادتنا أن يقدمها لنا الشريك.
أقول لكل زوجة تشتكي أنها لم تجد السعادة في الحياة
الزوجية، فهذا لأنها أوقفت سعادتها على الأشخاص، وليس على قرار قررت أن تأخذه من أعماق
نفسها، وأنها تريد أن تسعد رغم كل الصعوبات المحيطة بها.
واعلمي جيدا أيتها الزوجة أن السعادة لن تجديها من
الأشخاص بل من نفسك أنت إن قررتي أن تسعدي نفسك بأبسط الامكانيات المتوفرة،
واستعيني بالله دائما أن تجدي السعادة بالقرب منه لا بالقرب من الأشخاص، لأن لا
سعادة حقيقية من البشر بل من رب البشر.
مع أطيب التمنيات للجميع بحياة زوجية سعيدة وهادئة،
واتخاذ قرار من الأعماق على إسعاد النفس مهما وجدنا من صعوبات في الحياة.
تعليقات
إرسال تعليق