علي زين الدين ـ الشرق الاوسط
فاجأ مصرف لبنان الأسواق
النقدية بإعلان عزمه على تحرك حاسم يبدأ تنفيذه مطلع الأسبوع المقبل، ويقضي بتمكين
الأفراد والمؤسسات كافة من استبدال بالسيولة النقدية التي لديهم بالليرة اللبنانية
دولارات ورقية (بنكنوت) وفق السعر المعتمد على منصة «صيرفة»، ومهما كان حجم
المبالغ، على أن تتم العمليات خلال 24 ساعة كحد أقصى.
وفور شيوع مضمون البيان
المسائي الصادر عن المصرف، شهدت أسعار الدولار في الأسواق غير النظامية هبوطاً
دراماتيكياً وبشرائح كبيرة تفصل بينها دقائق معدودة لينحدر بعض العروض دون عتبة 32
ألف ليرة من مستوى قياسي متقدم تعدى 38 ألف ليرة للدولار.
ويُرتقب، في ضوء مضمون
البيان وعدم وضع أي سقوف لعمليات المبادلة التي سيتولاها البنك المركزي بدءاً من
صباح الاثنين المقبل، استعادة الاستقرار النقدي بقوة تدخل السلطة النقدية عند
مستويات تقارب 25 ألف ليرة لكل دولار (24.6 ألف ليرة في عمليات نهاية الأسبوع).
وهو المعدل السعري الأقرب إلى العمليات التي تم تنفيذها هذا الأسبوع عبر منصة
«صيرفة»، إنما بأحجام تتراوح بين 40 و60 مليون دولار يومياً، بينما جرى تأمين
الزيادة المطردة والكبيرة على طلب الدولار من الأسواق الموازية مما أفضى إلى
انهيارات قياسية متتالية لليرة اللبنانية.
وفي معلومات خاصة
لـ«الشرق الأوسط»، أن المبادرة الجديدة تحظى بدعم سياسي صريح وتم تنسيق مضمونها
واستهدافاتها مع كبار المسؤولين في السلطتين التشريعية والتنفيذية، بعدما استشعر
الجميع خطورة تفلت انهيار سعر العملة الوطنية من أي قيود أو سقوف، وتبيان ما
أفرزته فورياً وبشكل متصاعد في أسواق الاستهلاك، بدءاً من الزيادات المتلاحقة في
أسعار المحروقات ووصولاً إلى اعتماد سعر يفوق 40 ألف ليرة كمتوسط، في تسعير المواد
والسلع كافة في السوبرماركت ومحلات البيع بالتجزئة. كذلك لجوء الكثير بينها إلى
الإقفال أو الإحجام عن عرض السلع.
وأكد مسؤول معنيّ أن
البنك المركزي يستطيع فعلياً إعادة الانتظام إلى الأسواق النقدية واستعادة دوره
المحوري في إدارة تدفقات السيولة والتسعير اليومي، رغم التناقص الكبير في
احتياطياته من العملات الصعبة التي تدنت إلى نحو 10 مليارات دولار، يضاف إليها نحو
1.16 مليار دولار، كبدل لحقوق سحب خاصة وردت من صندوق النقد الدولي وأودعتها
الحكومة لديه من دون التخلي عن انفرادها بمسؤولية قرار الصرف وتحديد وجهته.
ويشير إلى أن الحجم
الهائل للكتلة النقدية بالليرة المتداولة خارج البنك المركزي والتي تتعدى 50
تريليون ليرة، تقل قيمته عملياً إلى نحو ملياري دولار فقط بسعر «صيرفة». وهذا لا
يعني أن التدخل سيبلغ هذا المستوى حكماً.
فتوفُّر الدولار دون
سقوف سيخفف تلقائياً حجم الطلب ومعه حجم المضاربات. كما أن شرائح كبيرة من هذه
الكتلة يتم تناقلها في عمليات الشراء اليومية ولن تدخل نطاق التصريف، لا سيما في
حال تحقيق هدف تهدئة العمليات والمستويات السعرية ضمن هوامش معتدلة.
وبالفعل، تم تسجيل ورود
إشعارات متلاحقة بفواصل لا تتعدى الدقائق على المنصات الإلكترونية غير الشرعية
التي يعتمدها الأفراد والمؤسسات لتتبع سعر صرف الليرة. وهي تنبئ تباعاً بانخفاضات
سريعة بمعدل يتعدى 500 ليرة لكل إشعار، ليسجل الدولار هبوطاً حاداً في ساعة واحدة
من نحو 38 ألفاً إلى أقل من 32 ألف ليرة، وسط فوضى عارمة دفعت مصرف لبنان للتدخل
بقوة لكبح صعود الدولار.
ووفق البيان المفاجئ
الصادر مساء أمس (الجمعة)، وعقب انتهاء دوام العمل في البنك المركزي والمصارف، طلب
مصرف لبنان من حاملي الليرة الراغبين بتحويلها إلى الدولار وفق سعر المنصة التوجه
إلى البنوك كافة اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل بهدف إتمام عمليات المبادلات في
مهلة أقصاها 24 ساعة.
وجاء في النص: «بناءً
على التعميم 161 ومفاعيله وعلى البندين رقمي 75 و83 من قانون النقد والتسليف. بيان
موجه إلى جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسسات ويريدون تحويلها إلى
الدولار الأميركي. يُطلب منهم التقدم بهذه الطلبات إلى المصارف اللبنانية ابتداءً
من يوم الاثنين المقبل وذلك على سعر منصة صيرفة، على أن تتم تلبية هذه الطلبات
كاملة في غضون 24 ساعة. وهذا العرض مفتوح ومتاح يومياً».
ولاحقاً عمّم مصرف لبنان
على المصارف اللبنانية أن عليها ابتداءً من يوم الاثنين المقبل، وذلك لثلاثة أيام
متتالية، أن تُبقي على فروعها وصناديقها مفتوحة يومياً حتى الساعة السادسة مساءً
لتلبية طلبات المواطنين من شراء الدولارات على سعر منصة «صيرفة» لمن سلم الليرات اللبنانية،
كما دفع رواتب الموظفين في القطاع العام بالدولار أيضاً على سعر المنصة.
تعليقات
إرسال تعليق