باسيل وضع مصير سلامة والمداورة بالحقائب على الطاولة وميقاتي منزعج من كلامه عن «مشكلة بميثاقية التكليف»
وسام
أبوحرفوش وليندا عازار ـ الراي
لم
تكد الكتلُ النيابيةُ أن تُنْهي إيداعَ مطالبها وتَصَوُّرها للحكومة الجديدة في
عهدة الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي حتى تأكّد المؤكّد لجهة الطريق المزنّر بـ
«الأسلاك الشائكة» الذي سيسلكه مسار التأليف الذي يُسابِق انتخابات رئاسية باتت هي
الناظم الفعلي للواقع اللبناني وتموّجاته التي لا تأبه لـ «تسونامي» الانهيار
الشامل الذي تُلاطمه البلاد منذ نحو عامين.
فالدخانُ
«الرمادي» الذي سعى ميقاتي إلى تعميمه في مستهلّ اليوم الثاني والأخير من
الاستشارات النيابية غير المُلْزِمة التي أنهاها أمس بإعلانه «تفاءلوا بالخير
تجدوه» لم يلبث أن زاد منسوبُ القتامة فيه بختام مشاوراتٍ شكلية لتأليف حكومةٍ
محكومٌ استيلادها بشبه استحالة سياسية ترفع أسهم بقاء حكومة تصريف الأعمال
(يترأسها ميقاتي) لتدير المرحلةَ الفاصلةَ عن رئاسية 2022 أو حتى الفراغ الذي «يدق
الأبواب».
وإذا
كان ميقاتي، الذي أعلن في نهاية الاستشارات أنه سيزور رئيس الجمهورية ميشال عون في
«الوقت المنُاسب» حدّد «مثلث المهمات» المُلْقاة على عاتق الحكومة العتيدة لجهة
«استكمال ما بدأته حكومتنا الماضية خصوصاً مع صندوق النقد الدولي وفي ما يتعلّق
بخطة الكهرباء وملف ترسيم الحدود البحرية»، مؤكداً «إن شاء الله ترى الأمور النور
بطريقة سليمة وفي النهاية المصلحة الوطنية ستتغلّب على كل شيء»، فإنّ كلام رئيس
«التيار الوطني الحر» جبران باسيل بعد الاجتماع بالرئيس المكلف حَمَلَ في جوهره كل
المؤشرات التي يرتكز عليها المتشائمون بإمكان بلوغ الملف الحكومي خواتيم سعيدة،
قبل أن تؤكد هذا المنحى إشاراتٌ سلبية من مصادر ميقاتي رداً على باسيل الذي لا
تقارَب مواقفه إلا بوصفها ذات تأثير كبير مُستمدّ من كونه صهر عون و «الجندي غير
المجهول» في معارك فريقه المتعددة الجبهة.
فباسيل،
ورغم تكراره «لازمة» ان «ليست لدينا الرغبة في المشاركة» التي تكون حُكْماً عبر
رئيس الجمهورية الذي لا يُمكن الفصل بينه وبين رئيس «التيار الحر»، فهو ذكّر
بالبرنامج الذي «يجب أن تلتزم به الحكومة» وفيه، إلى الاتفاق مع صندوق النقد
وإقرار خطة التعافي، مسألة «فضيحة» حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وهذه
النقطة جاءت مدجَّجة بـ «بألغام سياسية» في ضوء إصرار فريق عون على إقالة سلامة،
وسعي باسيل إلى سلّة تعييناتٍ عبر حكومِة ما قبل نهاية العهد (31 اكتوبر) يضع
عبرها يده على مفاتيح في الإدارة والسلطة، وفق ما يتّهمه خصومه وبعض الأطراف في
ائتلاف «حزب الله» – التيار الذين لا يُبْدون استعداداً مع الرئيس المكلف لمنْح
باسيل «مكافآت» تعطيه أفضليةً في أي حكومة جديدة في الحقائب والحصص، تجعله
«متقدّماً» على الجميع في إدارة مرحلة الفراغ الرئاسي أو ترسّخ أقدامه سلفاً في
العهد الجديد الذي يُعتبر من المرشحين الرئيسيين لتوليه.
ولم
تقل دلالة إشارتان أطلقهما باسيل: الأولى «أن هناك مشكلة حقيقية بميثاقية التكليف،
ولكن من حرصنا على البلد تغاضينا عن هذا المشكل» وذلك في غمْزٍ من أن الكتلتين
المسيحيتين الأكبر (القوات اللبنانية وتكتل باسيل) لم يُسميا ميقاتي.
والثانية
تأكيده أنه لم يتقدّم بأيّ مطلب أو شرط أو اسم على عكس ما تورده وسائل الإعلام،
لافتاً إلى أنه تمنى على ميقاتي «أن تحصل مداورة شاملة أو جزئية وألا تكون حقيبة
بحيازة أي فريق سياسي أو طائفة معيّنة».
وإذا
كانت مصادر ميقاتي ردّت سريعاً على باسيل في شق الميثاقية عبر موقع «لبنان 24»
(المحسوب على الرئيس المكلف) مذكرة بأنه «بالارقام سمى الرئيس ميقاتي نواب مسيحيون
يستحوذون على ما لا يقل عن 50 الف صوت من أصوات المسيحيين في لبنان»، سائلة «هل
المطلوب أيضاً غض النظر عن صوت بكركي (البطريركية المارونية) التي أعلنت بشكل واضح
تأييدها للرئيس ميقاتي؟ وهل يحق لباسيل وغيره ان يحتكر تمثيل المسيحيين؟ هذا اذا
غض المسيحيون النظر عما يعانونه جراء خياراته»، فإن إثارة رئيس «التيار الحر»
مسألة المداورة في الحقائب بدت رسالة «لمَن يعنيهم الأمر» ربْطاً بمناخاتٍ عن
أفكار لحكومةٍ قديمة – جديدة يتم فيها تعديل بعض الوزراء ضمن التوازنات القائمة
ومع تحفُّظ على بقاء حقيبة الطاقة في عهدة فريق عون.
ورأت
أوساط مطلعة أن باسيل أحدث «ربْط نزاع» متجدّداً، سبق أن طبع مرحلة تأليف حكومة
ميقاتي الأخيرة، على قاعدة أن أي محاولة لانتزاع «الطاقة» من فريقه تعني فتْح
الباب أمام وضْع حقيبتيْ المال (يصر عليها الثنائي الشيعي وكرّسها ميثاقية كونها
تحمل التوقيع الثالث في السلطة التنفيذية) والداخلية (يتولاها السنّة في الأعوام
الأخيرة) السياديتين على الطاولة مقابل «الطاقة»، وهو ما يعني بأيّ حال أن تأليف
حكومة بمواصفات السابقة يبقى مشوباً بتعقيداتِ إصرار فريق عون على حقائب مثل
الطاقة والعدل ولو من باب «توازن» توزيع الحقائب الوازنة في حكومةٍ لن تشارك فيها
«القوات اللبنانية»، ناهيك عن العقدة الأم المتمثلة في ما سبق لعون أن أعلنه من
أنه يريد حكومة سياسية، وقبله باسيل عن أن حكومة التكنوقراط «باي باي».
إلى
الناقورة... دُر
وإذا
كانت حكومة الوحدة الوطنية أسقطها مبكراً رفْض غالبية قوى المعارضة المشارَكة
فيها، ما سيجعل أي حكومة سياسية كاملة أو مطعّمة بسياسيين، يطغى عليها «اللون
الواحد» (لائتلاف حزب الله – التيار الحر وحلفاؤهما) الذي يرفضه ميقاتي لِما لذلك
من ارتداداتٍ خارجية، فإن حظوط الـ «لا تأليف» تبقى هي الأقوى رغم كل محاولات
تصوير أن الأجواء الإيجابية لجهة إمكان استئناف المفاوضات غير المباشرة حول النزاع
البحري بين لبنان واسرائيل برعاية أممية ووساطة أميركية في الناقورة ستشكل عامل
ضغط لجهة الحض على استيلاد الحكومة قبل دخول البلاد مدار الانتخابات الرئاسية
ابتداءً من مطلع سبتمبر المقبل.
وكانت
الخارجية الأميركية أفادت ان الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين عقد مفاوضات الاسبوع
الماضي مع المعنيين في اسرائيل «وان المباحثات كانت مثمرة وتقدمت نحو هدف تذليل
الفوارق بين الطرفين»، مؤكدة «استمرار الولايات المتحدة في التواصل مع الأطراف
المعنية خلال الأيام والأسابيع المقبلة».
وفي
حين أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب (المكلف من عون ملف الترسيم) ان
«بيان الخارجية الأميركية أمر ايجابي ونقدّر تعهد الادارة الأميركية بالتواصل في
الأيام المقبلة الذي نأمل منه ان يؤدي لاستئناف المفاوضات غير المباشرة في
الناقورة»، لوّح باسيل مجدداً بأنه ما لم تقبل اسرائيل بما عرضه لبنان وفق الخط 23
(الحصول على كامل المنطقة المتنازع عليها بين الخطين 1 و23 مع توسيع الـ 23 جنوباً
لضمان كامل حقل قانا للبنان مقابل كاريش لاسرائيل) فإن خط التفاوض 29 يجب أن
يتحوّل نهائياً.
وبأي
حال، ترى أوساط سياسية أن المرحلة الانتقالية في المنطقة واستنئاف مفاوضات النووي
يشكل «رقعة الشطرنج» التي سيتحرك عليها ملف الترسيم في اتجاه العودة إلى طاولة
الناقورة أي إلى «الأخذ والرد» حول خط الـ 23 موسعاً أو خط هوكشتاين (خط متعرّج لا
يضمن كامل قانا للبنان ويعطي اسرائيل قسماً من البلوك 8 اللبناني)، وتالياً فإن من
الصعوبة تَصوُّر اختراق سريع حقيقي في هذا الملف فيما تل أبيب «حيّدت» واقعياً حقل
كاريش وتمضي بالعمل فيه، ليصبح لبنان بحال «أي تشويش» من أي نوع على عملية الإنتاج
منه في مواجهةٍ هذه المرة مع كل اوروبا التي تنتظر الغاز الاسرائيلي بعد تسييله في
مصر.
الاتحاد
الأوروبي «يؤنّب» لبنان
هي
أوروبا ودول أخرى «يتوسّلها» لبنان دعماً مالياً، سواء عبر «شبكة أمان» الدول
المانحة التي يشترطها صندوق النقد الدولي كرافدٍ لاتفاقية التمويل النهائية مع
«بلاد الأرز» أو عبر مساعداتٍ مباشرة انسانية، وصارت تعاين كل مفاصل الواقع
اللبناني وملفاته وسلوكيات سلطات بيروت التي باتت أمام امتحاناتٍ في السياسة
والإصلاح والاجتماع يُخشى أنها تحوّلت «كلاً متكاملاً» في النظرة إلى لبنان وآفاق
دعمه.
ولم
يكن عابراً في هذا الإطار أن يرفع الاتحاد الاوروبي الصوت بوجه سلطات لبنان على
خلفية طلب الداخلية اللبنانية قبل أيام من القوى الأمنية منع أنشطة لمجتمع الميم
«بعد انتشار دعوات على مواقع التواصل لإقامة حفلات وأمسيات للترويج للشذوذ الجنسي
في لبنان، وبعد أن تلقت الوزارة اتصالات من المراجع الدينية الرافضة لانتشار هذه
الظاهرة»، وذلك في إشارة إلى دعوات جرى تداولها للمشاركة في أنشطة عدة لمجتمع
الميم بينها عرض مسرحي.
وبعد
صدور مواقف لمرجعيات دينية رافضة لهذه الدعوات «ولتشريع المثلية الجنسية» وتحوُّل
هذا العنوان مثار جدل بين ناشطين وجمعيات حقوقية ومواطنين انقسموا على مواقع
التواصل بين مع وضد، خرج أمس سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف عبر
«تويتر» معلناً «أن على الدولة اللبنانية احترام التزاماتها الوطنية والدولية في
مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزام بحماية وتعزيز حقوق الإنسان الأساسية
لجميع الناس بغض النظر عن ميولهم الجنسية».
وإذ
أكد طراف أن «الاتحاد الأوروبي بما لا لبس فيه يقف ضد التمييز الذي يطول مجتمع LGBTI»، كانت سفيرة كندا في لبنان شانتال شاستناي تعلن أنه «في 17 مايو،
رفعت السفارة علم قوس قزح بجوار العلم الكندي. كندا تدافع عن حقوق الإنسان لجميع
الأشخاص لأنها عالمية وغير قابلة للتجزئة! تود كندا أن تؤكد دعمها لحماية وتعزيز
حقوق الإنسان في لبنان وتتوقع أن يحترم لبنان التزاماته».
تعليقات
إرسال تعليق