المالكي أراد التحالف مع «الحرس» الإيراني في مهاجمة الصدر... تسجيلات المالكي تربك آلية تسمية مرشح لرئاسة الحكومة العراقية
أعلن مجلس القضاء الأعلى
في العراق، أنه بدأ تحقيقاً في التسجيلات المسربة المنسوبة إلى زعيم ائتلاف دولة
القانون ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي. وقال المجلس في بيان مقتضب له أمس
(الثلاثاء)، إن «محكمة تحقيق الكرخ تلقت طلباً مقدماً إلى الادعاء العام لاتخاذ
الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات الصوتية المنسوبة إلى زعيم ائتلاف دولة
القانون نوري المالكي». وأضاف، أن المحكمة «تجري حالياً التحقيق الأصولي بخصوصها
وفق القانون».
يذكر، أن عدداً من
المحامين قد قدموا الأحد الماضي طلب إخبار إلى الادعاء العام العراقي بشأن
التسجيلات التي هاجم فيها المالكي أطرافاً وقوى سياسية والجيش والشرطة وعدداً من
الدول.
ويعدّ التحقيق في هذه
التسجيلات التي باتت تعرف بـ«ويكيليكس المالكي» هو الأول من نوعه الذي تمارسه
السلطة القضائية بحق زعيم سياسي بحجم المالكي يعد من قيادات الخط الأول.
فالمالكي الذي يتزعم حزب
الدعوة كان تولى رئاسة الحكومة العراقية لدورتين (2006 - 2014)، كما فاز ائتلافه
«دولة القانون» في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت أواخر العام الماضي
بالمرتبة الثانية بعد الكتلة الصدرية.
وكانت التسريبات
المنسوبة للمالكي والتي انتشر أمس التسجيل الخامس منها، وهو الأهم حتى الآن، خلطت
أوراق قوى الإطار التنسيقي الشيعي في وقت كان على وشك التوصل إلى آلية لاختيار
مرشحهم لرئاسة الحكومة.
التسجيلات التي تظهر
تباعاً وتكشف طريقة تفكير المالكي، سواء بشأن خصومه وفي مقدمتهم زعيم التيار
الصدري، مقتدى الصدر، أو حلفائه أجبرت الجميع على وقف مباحثات تشكيل الحكومة.
فالمالكي ظهر في تلك
التسجيلات شديد الحقد على الصدر وأتباعه إلى الحد الذي جعله يطلق عليهم أكثر
الأوصاف قساوة، ومن بينها «جبناء»، أو وصفه للصدر بـ«القاتل».
كما أنه لم يوفر أحداً
من الشركاء السياسيين بمن فيهم الكرد، لا سيما مسعود بارزاني والسنّة، وخصوصاً
محمد الحلبوسي.
كما كشفت تلك التسجيلات
التي تم الكشف خلال الجزء الذي انتشر أمس عن الجهة التي يريد أن يستند إليها في
خططه القادمة ضد خصومه، كما كشفت عن حقيقة نواياه حيال الآخرين بخلاف ما هو معلن
من المواقف أو التحالفات، بمن في ذلك من يفترض أنهم شركاؤه في البيت الشيعي.
المالكي وفي التسجيل
الأخير كشف عن خطته التحالف مع «الحرس الثوري» الإيراني دون «الاطلاعات». لكن
الأهم في التسريب، وهو ما أثار اهتمام المراقبين والمتابعين والعارفين بالشأن
الشيعي، أن كل المعلومات التي تحدث بها المالكي وبهذه الصراحة الجارحة كانت أمام
مجموعة شيعية مغمورة، هي عبارة عن لواء بسيط تابع للحشد المسمى «حشد الدفاع».
ويقود هذا اللواء
المغمور شخص مغمور هو الآخر في محافظة ديالى يحفز المالكي على شن حرب شيعية -
شيعية مع أخذ المباركة من رجل دين مغمور هو الآخر يطلق عليه «آية الله الميرزا»،
وهو ليس معروفاً ضمن تراتبية رجال الدين الشيعة ليس الكبار منهم، بل حتى متوسطو
الحجم. والأدهى من ذلك، أن رجل الدين هذا أصدر بياناً تبرأ فيه من الفصيل المسلح
الذي ادعى الانتماء إليه.
المالكي الذي كان سارع
إلى نفي التسجيل الأول بمجرد خروجه لم يدُر في باله أن تكون عملية التسجيل متقنة
ومتسلسلة بهذه الطريقة. بل إن البيان الذي أصدره حزب الدعوة الذي تضمن نفيه
التسجيلات تضمن عبارة لفتت المراقبين والمتابعين وهي «استراق السمع» في سياق تركيب
التسجيل؛ الأمر الذي بدا لكثير من المراقبين والمطلعين أن هذا بمثابة اعتراف ولو
ضمنياً بصحة التسجيل أو ربما أجزاء منه مع إدخال أصوات أخرى لخلط الأوراق.
لكن الأهم في عملية خلط
الأوراق هي تلك التي طالت الإطار التنسيقي الذي كان موحداً حيال زعيم التيار
الصدري مقتدى الصدر وكتلته التي حازت أعلى أصوات البرلمان.
فقوى الإطار التنسيقي
التي بدأت قياداتها بمن فيهم المالكي تتنافس على منصب رئيس الوزراء لم تكن تتوقع
مفاجأة ثقيلة من هذا النوع. لكن هذه المفاجأة التي بقدر ما أصابت البعض بالذهول،
فإنها صبّت في صالح قوى من نفس الإطار بوصفها المستفيد الوحيد منها.
وفي حين انهارت أسهم
المالكي السياسية، أدت توصيفاته على شركائه الشيعة بوصفهم بـ«الإيرانيين» إلى حصول
حالة إرباك في وجهة نظر كل طرف حيال الطرف الآخر.
وطبقاً للمراقبين
والمتابعين، فإن الخاسر الأكبر بعد المالكي هو زعيم تحالف الفتح هادي العامري
بينما الرابح الأكبر هو زعيم العصائب قيس الخزعلي.
في مقابل ذلك، لم يرد
حتى التسجيل الخامس ما يخص كلاً من زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم أو رئيس الوزراء
الأسبق حيدر العبادي في تسجيلات المالكي، لكنه وفقاً لما يدور في كواليس الإطار
التنسيقي، فإن كلاً منهما كان منزعجاً من أداء الإطار وطريقة تفكيره في حسم ملف
رئاسة الوزراء.
فالحكيم وإن كان أعلن
أنه لن يشارك في الحكومة المقبلة، فإنه كان يقود وساطات تهدئة بين الأطراف الشيعية
قبيل الـ«ويكيليكس»؛ وهو ما جعل مهمته باتت أكثر تعقيداً، لا سيما بعد مطالبة
الصدر للمالكي تسليم نفسه للقضاء.
أما العبادي الذي يعد
أحد المتنافسين على منصب رئيس الوزراء، فإنه وبعد تراجع حظوظ قادة الخط الأول من المنافسة
انضم إلى زعيم تيار الحكمة في النأي بالنفس عن التوترات الجارية داخل أوساط البيت
الشيعي الممزق.
من جهته، فإن العامري
الذي ناله ما نال سواه من القوى الموالية لإيران في تسجيلات المالكي عاد إلى
الواجهة بقوة خلال اليومين الماضيين إثر فضيحة التسجيلات.
وفي حين تردد أمس أن
الصدر، الذي بقيت تربطه علاقة متوازنة مع العامري، تواصل معه لغرض الترشح لمنصب
رئيس الوزراء على أن يحظى بمباركته، سارع ما يسمى «وزير» الصدر إلى نفي ذلك.
وبينما انتهت حظوظ المالكي نهائياً، فإن حظوظ كل من العامري والعبادي تراجعت في مقابل ارتفاع حظوظ عدد من قادة الخط الثاني في البيت الشيعي للمنافسة على منصب رئيس الوزراء وهم محمد شياع السوداني وزير العمل والصناعة الأسبق وفالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، وأسعد العيداني، محافظ البصرة. وبين هذا وذاك تبقى حظوظ رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي تراوح صعوداً وهبوطاً.
تعليقات
إرسال تعليق