مطالب بـ«تقسيم بيروت» تفتح المعركة «البلدية» قبل أوانها... نواب «التيار» قدموا اقتراح قانون بشأنه... و«القوات» يتجه لخطوة مماثلة
كارولين عاكوم ـ الشرق الاوسط
قبل أقل من سنة على موعد
الانتخابات البلدية في لبنان، برزت إلى الواجهة مطالبات بعض الأحزاب، لا سيما
المسيحية منها، بتقسيم بلدية بيروت إلى بلديتين، على غرار ما هي مقسمة في الدوائر
الانتخابية، بين بيروت الأولى وتضم مناطق الأشرفية، والصيفي، والرميل، والمدور
والمرفأ، وبيروت الثانية التي تضم مناطق ميناء الحصن، والباشورة، وراس بيروت،
والمصيطبة، وزقاق البلاط، والمزرعة وعين المريسة.
هذا المطلب وما يرافقه
من هواجس طائفية، يعبر عنه، بشكل مباشر أو غير مباشر، نواب «حزب القوات اللبنانية»
برئاسة سمير جعجع و«حزب الكتائب اللبنانية» برئاسة النائب سامي الجميل، وكذلك
«التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل، والذي تقدّم قبل أيام نوابه عبر
اقتراح قانون لاستحداث البلديتين، فيما تعارضه «حركة أمل» و«حزب الله»، كما النواب
المحسوبين على تكتل «نواب التغيير».
وبعد يومين على اجتماع
شارك فيه نواب بيروت من معظم الكتل النيابية، وكان بحث في كيفية «تبديد هواجس»
الطائفة المسيحية وتكريس المناصفة في أعضاء المجلس البلدي، إضافة إلى التأكيد على
العمل لتصحيح الخلل الذي أصاب مجالس العاصمة في السنوات الماضية وحال دون القيام
بعملها، أعلن عدد من نواب «التيار الوطني الحر» عن تقديمهم اقتراح قانون لتقسيم
بلدية بيروت إلى بلديتين، وهو ما شكّل مفاجأة بالنسبة إلى كثير ممن شاركوا في
الاجتماع الأول، بحسب ما يكشف النائب في «حركة أمل» محمد خواجة لـ«الشرق الأوسط».
من جهته، يكشف النائب في
حزب «القوات اللبنانية» غسان حاصباني لـ«الشرق الأوسط» عن العمل على نص قانوني
بالتشاور مع جهات وفعاليات في المدينة يتضمن حلاً متكاملاً قابلاً للتطبيق بعيداً
عما سماه «السبق الإعلامي».
ويقول حاصباني الذي كان
أول من دعا إلى «مجلس بلدي لبيروت الأولى»، لأن أهلها غير قادرين على أن يتحملوا
الإهمال في الطرق والبنى التحتية والنفايات وغيرها: «يرتكز النص القانوني على
استحداث بلديتين لبيروت الموحدة ضمن مجلس مشترك»، وفق تعبيره، رافضاً اعتبار هذا
الأمر تقسيماً، مضيفاً: «هوية المدينة لا تحددها البلدية، وفي باريس ولندن بلديات
عدة، لكنها تبقى مدناً واحدة غير مقسمة».
في المقابل، يرفض كل من
النائب محمد خواجة، عضو كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري،
والنائب في كتلة «نواب التغيير» إبراهيم منيمنة، طرح تقسيم بلدية العاصمة، معتبرين
أنه «طرح طائفيّ بامتياز ويسيء إلى بيروت وأبنائها».
ويصف خواجة في حديث
لـ«الشرق الأوسط» الطرح، بأنه «خطير للغاية، لأن تقسيم العاصمة يشكل خطراً على
وحدة لبنان ككل ويطرح علامة استفهام في توقيته، وهو مرفوض بشكل تام وسنواجهه».
ويلفت إلى أن نواب
«التيار» الذين شاركوا في اجتماع نواب بيروت لم يعلنوا عن توجههم لاتخاذ هذه
الخطوة، وقال: «في الاجتماع طرحت كل الأمور ومنها الهواجس الطائفية، لا سيما بعد
غياب (تيار المستقبل) الذي كان يشكل توازناً في المجلس، نظراً إلى حيثيته الشعبية،
وكان تأكيد أننا لا نقبل إلا بالمناصفة وجاهزون لأي إجراء يحفظها».
وفيما لا ينفي خواجة
«الأداء السيئ» لمجالس بلدية بيروت في السنوات الماضية الذي أدى إلى إهمال وغياب
الإنماء في كل مناطق العاصمة وليس في منطقة دون غيرها، يؤكد «أهمية العمل على
تصحيح هذا الخلل في وقت يعاني فيه كل أبناء بيروت كما كل لبنان من الفقر والعوز
ونقص الكهرباء والماء، وليس المطالبة بالتقسيم».
والموقف نفسه يعبّر عنه
منيمنة بقوله لـ«الشرق الأوسط»: «طبعاً سنقف ضد هذا الطرح المحدود برؤيته ويكشف
التفكير الطائفي لدى (التيار الوطني الحر)، كما أنه لا يعكس مصلحة الناس، بل سيؤدي
إلى شرذمة أهالي العاصمة».
وفيما يلفت منيمنة أيضاً
إلى اجتماع نواب بيروت الذي أكد على تكريس المناصفة، يقول: «كان الأولى بأن يتم
العمل والتفكير برؤية مستقبلية للمدينة بدل التفكير الطائفي»، مذكراً في الوقت
عينه بأن الانتخابات البلدية الأخيرة، كشفت أن الإقبال على الانتخابات كان شبه متساوٍ
بين المسلمين والمسيحيين، وبالتالي ليس هناك من خوف في هذا الإطار».
وفي مؤتمرهم الصحافي
الذي أعلن خلاله نواب «التيار» نقولا صحناوي وإدغار طرابلسي وسيزار أبي خليل عن
اقتراح القانون المقدم من قبلهم، رفض صحناوي القول إن الاقتراح طائفي، داعياً
الأحزاب للتعاون والتصويت عليه، معتبراً أن «هذا المشروع إنمائي لبيروت، لأن هناك
مناطق كثيرة تعاني من غياب البلدية عنها، والتقسيم، إذا حصل، سيحسن الأداء البلدي
وسيسمح بتنفيذ مزيد من المشاريع الإنمائية في العاصمة».
وشرح صحناوي أن اقتراح
القانون ينص على أن يكون لبيروت الأولى مجلس بلدي من 12 عضواً، ولبيروت الثانية
مجلس بلدي من 12 عضواً، ويجتمع المجلسان معاً شهرياً للعمل على المشاريع المشتركة،
أما الجباية فتتم في كل نطاق بلدي على حدة، وتشارك البلديتان في صندوق مشترك يغطي
تكاليف الجهاز التنفيذي المسؤول عنه محافظ بيروت.
وفي رد منه على من
اعتبروا الاقتراح طائفياً، قال صحناوي: «لماذا لا يقال عن تقسيم الدائرتين في
الانتخابات النيابية إنه طائفي، ويرى البعض في هذا الاقتراح بعضاً من الطائفية؟»،
لافتاً في الوقت عينه، إلى أن الخلل الطائفي موجود اليوم في البلدية الحالية، وإذا
استمر الحال هكذا سيزيد الخلل، ولكن التقسيم إلى بلديتين حتماً يحمي المناصفة.
وهاجس المناصفة الذي
تحدث عنه صحناوي كان قد طرحه أيضاً بشكل صريح النائب عن بيروت الأولى في حزب
الكتائب نديم الجميل قبل أيام، بعد لقائه مطران بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة،
حيث تحدث عن «هواجس كبيرة على أبواب انتخابات البلدية قريباً»، وقال: «هناك خوف
كبير من أن يكون هناك خلل في التوازن الطائفي بمجلس بلدية بيروت».
تعليقات
إرسال تعليق