«حزب الله» يهدد عسكرياً ويصعّد سياسياً في ملف ترسيم الحدود..

مضى «حزب الله» في تصعيد عسكري وسياسي، في مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وذلك بالتزامن مع وصول الوسيط الأميركي آموس هوكستاين إلى بيروت، حاملاً رداً إسرائيلياً على مبادرة للتوصل إلى تسوية تعيد الطرفين إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة، في جنوب لبنان، برعاية الأمم المتحدة، وتحت عَلَمها.

وفي الجانب العسكري، بثّ الإعلام الحربي التابع للحزب، أمس (الأحد)، مقطعاً مصوَّراً تظهر فيه سفن مشاركة في صناعة النفط والغاز البحرية الإسرائيلية مع إحداثياتها الدقيقة، وأنها في «مرمانا».

وحذر الحزب بواسطة أمينه العام حسن نصر الله، في الفيديو، مع ترجمة عبرية، من «التلاعب بالوقت»، في تأكيد على تهديده بالتصعيد العسكري، وسط محادثات ترسيم الحدود البحرية.

وبثت قناة «المنار» التابعة للحزب المقطع المصوّر، الذي يحتوي أيضاً على لمحة نادرة عن أسلحة «حزب الله»، قبل ساعات من الموعد المقرر للقاء هوكشتاين مع مسؤولين لبنانيين في بيروت.

ويحتوي المقطع على صور لسفن تشارك في التنقيب، إلى جانب إحداثيات لأهداف إسرائيلية.

ويبدأ المقطع المصوَّر بعبارات لأمين عام الحزب، حسن نصر الله، خلال كلمة ألقاها في الآونة الأخيرة، وحذر فيها من أن «التلاعب بالوقت ليس مفيداً»، في هذه المسألة. وقال مراسل كبير بقناة «المنار» على «تويتر»: «الرسالة تهديد جدي».

ويخوض لبنان وإسرائيل مفاوضات بوساطة أميركية لترسيم حدودهما البحرية المشتركة التي من شأنها أن تساعد في تحديد موارد النفط والغاز التي تخص أياً منها، وتمهد الطريق لمزيد من الاستكشاف.

وأعرب مسؤولون لبنانيون عن تفاؤلهم بأن هذه الجولة من المحادثات يمكن أن تؤدي إلى اتفاق بعد مفاوضات غير مباشرة دامت سنوات على نحو متقطع، لكن «حزب الله» أبدى استعداده لمنع إسرائيل من استخراج النفط والغاز، إذا لم يُسمح للبنان بذلك.

بموازاة التصعيد العسكري الذي بدا رسالة أمنية لإسرائيل، قال نائب رئيس «المجلس التنفيذي» في «حزب الله»، الشيخ علي دعموش، إن «المقاومة اليوم بما تملكه من قدرات واسعة، باتت في موقع مَن يفرض معادلات جديدة وضعت لبنان في موقع استثنائي وقوي وغير متوقَّع، من شأنها انتزاع حق لبنان في التنقيب واستخراج النفط وفك الحصار المفروض عليه أميركياً وإسرائيلياً»، مؤكداً أن «المعادلة التي أرساها الأمين العام لـ(حزب الله)، وهي معادلة لا غاز لأحد في المنطقة إذا لبنان منع من استخراج حقه كاملاً من الغاز، تقوم على قدرات الردع التي تمتلكها المقاومة، والتي تراكمت خلال مسيرة الأربعين ربيعاً، ولولا هذه القدرات وهذه المعادلة لكانت إسرائيل قد باشرت أعمالها في منطقة كاريش، ولما استطاع لبنان أن يفرض التفاوض على الخط 23 وحقل قانا كاملاً».

وطالب دعموش المسؤولين المعنيين «باستثمار موقف المقاومة الحازم والحاسم، والتمسك بحقوق لبنان الكاملة، وعدم السماح للعدو بإملاء شروطه على لبنان أو المماطلة وتضييع الوقت أو استغلال الانقسامات والتباينات بين اللبنانيين لينفذ من خلالها إلى ما يريد»، لافتاً إلى أن إسرائيل «قد تستغل أي ثغرة أو نقطة ضعف في الموقف، وعلينا أن نفوّت عليه أي فرصة للمناورة والتلاعب أو إضعاف الموقف اللبناني».

بلينكن ـ غانتس

وفي تل أبيب، كشفت مصادر سياسية، أمس (الأحد)، أن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أجرى، مساء أول من أمس (السبت)، محادثة هاتفية مطوَّلة مع وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، تناول فيها «تهديدات (حزب الله) وتصرفاته الاستفزازية»، مشيرة إلى أن «بلينكن طلب منه ومن حكومته الصبر وعدم الانجرار وراء (حزب الله)».

وقالت المصادر إن «بلينكن وغانتس اتفقا على أن إنجاز اتفاق حول الغاز هو في غير مصلحة (حزب الله)، لكنه مُرغَم عليها. ولذلك فهو يحاول جر إسرائيل إلى معركة للتخريب عليها».

وحسب بلينكن، فإن على «إسرائيل ألا تحقق له مراده، بل بالعكس أن تعمل كل ما في وسعها لإنجاح المفاوضات».

وكانت مصادر أخرى ذكرت أن «إسرائيل قدمت اقتراحاً جديداً ينطوي على تقرب إضافي من الموقف اللبناني، ويُعتبر خطوة أخرى متقدمة نحو التوصل لاتفاق حول موضوع الغاز، بموجبه تتقاسم إسرائيل ولبنان الحقوق المالية، حسب نسبة مخزون الغاز في باطن الأرض؛ ففي حال وجود حقوق للبنان في منتوج الغاز الذي تستخرجه إسرائيل، يقبض لبنان مالاً مقابل هذه الحقوق، والأمر نفسه يحصل مع الحقوق الإسرائيلية في لبنان».

واعتبرت المصادر هذا العرض خطوة إيجابية في الناحية الاقتصادية، ولكنها تنطوي أيضاً على فتح نافذة سياسية. ففي حال الاتفاق على الأمر، سيكون على الحكومتين عقد جلسات حساب والإبقاء على قناة اتصال، وهذا بحد ذاته يتلاءم مع الأهداف الإسرائيلية، ويحقق للبنان مكسباً أيضاً على الساحة الدولية، ولكنه يتناقض مع رغبات وسياسة (حزب الله) وبعض حلفائه».

«الشرق الأوسط»

تعليقات