كتبت صحيفة "نداء الوطن":
مع اقتراب السفينة
"رازوني" الأوكرانية من وجهتها اللبنانية في مرفأ طرابلس لتفريغ حمولتها
من الذرة بعدما أبحرت من ميناء أوديسا ووصلت أمس إلى المياه الإقليمية التركية
قبالة اسطنبول، ارتفعت حدة الاشتباك الديبلوماسي الروسي – الأوكراني في بيروت خلال
الساعات الأخيرة حول سفينة "لاودسيا" السورية الراسية في ميناء طرابلس
على خلفية "شحنة الحبوب الأوكرانية المسروقة" على متنها.
فعلى الرغم من إعلان
سفارة أوكرانيا أنها عرضت على الحكومة اللبنانية شراء الشحنة تحاشياً لفسادها
وبغية إبقائها في السوق اللبنانية بالاتفاق مع مالكيها، تمكنت الضغوط السياسية من
رفع الحجز القضائي على السفينة والسماح لها بمغادرة المياه اللبنانية، الأمر الذي
لاقى ترحيباً حاراً من السفارة الروسية منددةً بما وصفته "استفزازات
الديبلوماسيين الأوكرانيين في بيروت ورعاتهم الخارجيين القائمة على الأكاذيب"،
مع التشديد على أنّ "محاولة المحرّضين الأوكرانيين الإضرار بالعلاقات بين
روسيا ولبنان ستفشل".
أما في مستجدات ملف
الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل، فتتجه الأنظار اليوم إلى اجتماع الحكومة
الإسرائيلية لمناقشة مسار ومصير المفاوضات غير المباشرة الجارية مع لبنان، في ضوء
ما نقله الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى المسؤولين في تل أبيب عن نتائج اجتماعه
أمس الأول مع الرؤساء الثلاثة في بيروت، على أن يعود بالجواب الإسرائيلي على
الطروحات اللبنانية خلال الأسابيع القليلة المقبلة...
ومن هذا المنطلق التزم
"حزب الله" وقف التصعيد العسكري عند الحدود "إفساحاً في المجال
أمام استنفاد الجهود الديبلوماسية المبذولة من جانب الدولة اللبنانية" حسبما
أكد مصدر مواكب للملف، مشيراً إلى أنّ اتجاه الأمور سيبقى مرهوناً بما سيحمله
هوكشتاين من "أجوبة نهائية" في الأسبوعين المقبلين "ليبنى على
الشيء مقتضاه".
وأوضح المصدر
لـ"نداء الوطن" أنّ المعنيين بملف الترسيم نقلوا معلومات إلى كل من
يعنيه أمر استقرار لبنان والمنطقة تفيد بأن "سقف وقف التصعيد بالنسبة إلى
"حزب الله" لن يتعدى منتصف شهر آب الجاري"، فإما يعود الوسيط
الأميركي بجواب حاسم حول نهائية الخط 23 بما يشمل منح حقل قانا كاملاً للبنان،
ليتم بناءً على ذلك تحديد موعد استئناف اجتماعات الناقورة لوضع الإحداثيات التقنية
على الخرائط وتنظيم المحضر النهائي للاتفاق الحدودي البحري تمهيداً لتوقيعه، وإما
فإنّ "حزب الله" سيعتمد "التصعيد المتدحرج" ابتداءً من منتصف
آب حتى الأول من أيلول، بشكل يعيد من خلاله تفعيل "خياراته العسكرية"
لمنع إسرائيل من بدء استخراج الغاز قبل التوصل إلى اتفاق مع لبنان، مع ترجيح
المعلومات في هذا المجال أن تتدرّج رسائل "الحزب" التحذيرية للشركات
العاملة في "حقل كاريش" حتى تبلغ بعد رسالة المسيّرات غير المسلّحة
إطلاق "طلقات صاروخية ربّما في أجواء كاريش من دون إصابة المنصّة بشكل
مباشر"، ليكون ذلك بمثابة "الإنذار الأخير" تأكيداً على جدّية
"حزب الله" واستعداده لخوض الحرب ما لم يتم التوصل إلى اتفاق حدودي بحري
مع لبنان.
حكومياً، تقاطعت
المعطيات الرئاسية والسياسية خلال الساعات الماضية عند إبداء مختلف الأفرقاء
المعنيين بملف تشكيل الحكومة قناعتهم المشتركة بأنّ صفحة التكليف والتأليف طويت
بانتظار العهد الرئاسي الجديد، لا سيما في ضوء ما بدا من تهميش رئاسي متعمّد للملف
الحكومي في اجتماع بعبدا الثلاثي بين الرؤساء الثلاثة. وهو ما رأت فيه مصادر
معارضة تجسيداً جلياً لصورة "التواطؤ الرئاسي" الهادف إلى الإبقاء على
التوازنات السياسية القائمة في حكومة تصريف الأعمال، وعدم الرغبة في تشكيل أي
حكومة جديدة تعيد في تشكيلتها توزيع الحقائب أو تعديلها بموجب نتائج الانتخابات
النيابية الجديدة.
ورأت المصادر أنّ خلوة
بعبدا الرئاسية كرّست "الاتفاق على عدم الاتفاق" من خلال عدم مقاربتها
ملف التأليف لا من قريب ولا من بعيد، موضحةً أنّ كل طرف من الأطراف المعنية
بالتأليف سلّم بإبقاء الوضع الحكومي على حاله "ولكل منهم حساباته في ذلك، فالثنائي
الشيعي يدرك أنّ حصته الوزارية لن تتأثر ولن تتغيّر في التأليف من عدمه، بينما كان
رئيس الجمهورية ميشال عون واضحاً في خطاب الفياضية في تأكيده على كون ولادة
الحكومة الجديدة لم تتوافر لها المقومات والمعايير الضرورية"، وهو ما يعكس
بحسب المصادر "تراجع الحماسة العونية لتشكيل حكومة جديدة قبل نهاية العهد
نتيجة اقتناع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل باستحالة الاستحواذ
على حصة وزارية فيها موازية لحصته في حكومة تصريف الأعمال، وعليه فإنه آثر خيار
المحافظة على حصته الراهنة التي تمنحه الثلث المعطل، خصوصاً وأنها تبقي على تمثيل
حليفه الدرزي الخاسر في الانتخابات طلال أرسلان ضمن كتلته الوزارية، فضلاً عن
استئثاره بالتمثيل المسيحي بخلاف ما سيكون عليه الحال مسيحياً ودرزياً في حال
تشكيل حكومة جديدة... أما الرئيس نجيب ميقاتي فحساباته بسيطة وواضحة لأنّ الأمر
سيان بالنسبة إليه طالما أنه "باقٍ باقٍ" في السراي الحكومي سواءً تألفت
الحكومة أم لم تتألف".
تعليقات
إرسال تعليق