نادر عزالدين ـ النهار العربي
فجّر وزير المالية
اللبناني يوسف خليل "قنبلة اقتصاديّة" جديدة، بإعلانه عزم البلاد خفض
سعر الصرف الرسمي للعملة الرسميّة اعتباراً من نهاية تشرين الأول (أكتوبر)، من
1507 ليرة مقابل الدولار، الذي استمر 25 عاماً، إلى 15 ألف ليرة، مبرراً ذلك بأنّه
"خطوة نحو توحيد أسعار صرف متعددة".
وقد تراجعت الليرة
اللبنانية بأكثر من 95 بالمئة من السعر الرسمي منذ سقط لبنان في خضم أزمة مالية
قبل ثلاث سنوات، ويجري تداولها حالياً عند حوالي 38 ألفا للدولار في السوق
السوداء.
واعتبر خليل أنّ إلغاء
سعر الصرف 1507 هو "بداية جيدة". وأضاف أنّ "هذا هو الموقف الذي
اتخذته الدولة اليوم"، قائلاً إنّ "الحكومة ستشرح الخطوة للجمهور خلال
الشهر المقبل، وبعد ذلك سيتم إلغاء سعر 1507".
وتعليقاً على ذلك، أكّد
الخبير الاقتصادي زياد ناصرالدين في تصريح لـ"النهار العربي" أنّ تغيير
سعر الصرف الرسمي "ليس من صلاحيات الوزير ولا المصرف المركزي". وأضاف
أنّ هكذا قرار يحتاج إلى "قرار من مجلس وزراء" أو "منح الوزير
صلاحيات استثنائية" لاتخاذه، وهذا ما لم يحصل حتى الآن. ومن بعدها يجب أن
يدخل ضمن الموازنة "ليصدّق عليها البرلمان اللبناني".
وتابع متسائلاً:
"رغم أنّ هذا يعد طبيعياً بعد رفع الدولار الجمركي في الموازنة العامة إلى 15
ألف ليرة، لكن من اتخذ القرار؟". وكان البرلمان قد أقر الإثنين ميزانية تطبق
سعر الصرف 15 ألف ليرة للدولار في الضرائب الجمركية، وهو ما قال خليل إنّه
"مهّد الطريق أمام هذا القرار".
دولار السوق السوداء
وبخصوص تأثير القرار
الجديد، إذا ما تم تطبيقه فعلاً، فاعتبر ناصرالدين أنّ سعر الصرف هذا سيسري على
جميع الضرائب والرسوم، أي انها ستُستوفى على سعر 15 ألف ليرة للدولار بدلاً من
1507 كما هو الواقع الحالي.
أما بالنسبة لدولار
السوق السوداء المرتبط أساساً بالعرض والطلب، والاستيراد من الخارج، والمضاربات،
واحتياطي مصرف لبنان، فـ"سيتأثر حكماً برفع سعر الصرف الرسمي خاصة إذا لم يكن
هناك خطة اقتصادية وحلّاً لأزمة الودائع المصرفيّة، وإعادة الثقة بالاقتصاد
اللبناني"، كما يقول ناصرالدين.
وحذّر الخبير اللبناني
في الوقت عينه من أن يكون تطبيق هكذا قرار "مدخلاً لطبع المزيد من الأوراق
النقدية لتغطية طلب السوق"، مشيراً إلى أنّ سعر الصرف في السوق السوداء
"قد يرتفع" بحال حدوث ذلك.
ورغم غموض تصريح خليل،
إلا أنّ هكذا خطوة تأتي كعلامة فارقة في الانهيار الذي اجتاح لبنان منذ عام 2019
وأسقط قطاعات كبيرة من السكان في الفقر في أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت
رحاها من العام 1975 إلى العام 1990.
ويعد توحيد أسعار الصرف
العديدة أحد الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي للبنان لتأمين حزمة المساعدات
التي تشتد الحاجة إليها. وقال صندوق النقد الأسبوع الماضي إنّ تقدم لبنان في تنفيذ
الإصلاحات "ما زال بطيئا للغاية".
زيادة معدّل التضخم
وفي هذا الاطار، يحذّر
ناصرالدين من أنّ هذه الخطوة قد تؤدي الى زيادة كبيرة بمعدل التضخم. ويقول:
"إنّ رفع سعر الصرف الرسمي إلى 15 ألف ليرة للدولار سيؤدي حكماً إلى ارتفاع
جميع الأسعار، ما يعني تضخماً إضافياً بالنسبة للناس، وخاصة من يتقاضون رواتبهم
حتى الآن بالليرة اللبنانية".
تعليقات
إرسال تعليق