باسيل يُهدِّد «بالفوضى الدستورية» والكرة في ملعب حزب الله...

كتبت صحيفة "اللواء":

من على منصة «حوار مقطوع» يصلي بعض التيارات والكتل لبعضهم البعض، وكأن الواقعة واقعة، عندما يحين الوقت، في ظل تباعد غير مسبوق، عزز رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عمقه، لا سيما مع عين التينة والرئيس نبيه بري وحركة أمل، ومع معراب ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والفريق النيابي والكنسي المؤيد له في طروحاته المتباينة عن طروحات الفريق المسيحي الذي يمثله باسيل، متكلاً على علاقة التحالف الثابتة مع «حزب الله» لغاية تاريخه.

برز النائب باسيل امس ليس كوارث سياسي وحسب للرئيس العماد ميشال عون، بل على دأبه، في ركوب المركب الخشن، فبّرر البحث عن «دستورية مسيحية» مرتدية ثوب الفوضى بمقابل «فوضى دستورية» متمثلة بملء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المستقيلة الشغور الرئاسي، اذا لم ينتخب رئيس للجمهورية لغاية 31 ت1 2022، مع عزم الرئيس عون على مغادرة قصر بعبدا عند الساعة صفر من اول ت2.

اعلن باسيل انه «لن يتم الاعتراف بشرعية الحكومة المستقيلة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية»، وقال: «سنعتبر الحكومة عندها مغتصبة سلطة وفاقدة للشرعية وساقطة مجلسياً ودستورياً وميثاقياً وشعبياً، ولو اجتمع معها من اجتمع ولو اجتمع العالم كله على دعمها ضدّنا».

ولم يكتفِ باسيل بهذا السقف العالي من اطلاق الاحكام، فالحكومة التي تدير البلد الآن سيعتبرها بعد اسابيع فاقدة للشرعية ومغتصبة سلطة، وسلخ عنها الشرعية النيابية، وحتى الدستورية والميثاقية (بالسعي الى سحب الوزراء المسيحيين المحسوبين على التيار منها)، بل ذهب الى ابعد من ذلك بكثير، فقال: الفراغ لا يملأه الفراغ، والفوضى الدستورية تبرر فوضى دستورية مقابلة، مشيراً الى اننا «نحنُ أعلنّا أننا لا نريدُ الفراغ ويجب أن نمارس الضغط على بعضنا للاتفاق على رئيس وتأليف حكومة لا يمنع ذلك. الرئيس الماروني يجب ان يكون عنده اولاً حيثية تمثيلية مسيحية وينطلق منها للحصول على الحيثية الاسلامية وليس كما يريده البعض المتباكي على اهمية الدور المسيحي بحيثية اسلامية مسقطة عليه دون ان يمتلكها وان يكون عارياً من التمثيل المسيحي».

وغمز باسل من قناة بري قائلاً: «البعض يريد ان يسقط على رئيس الجمهورية حيثية اسلامية، من دون ان يكون لديه حيثية مسيحية، ولا نقبل ان نعيش بنظام مجلسي برفع الايدي، نقبل فقط بنظام برلماني نرفع رأسنا فيه».

وتطرق باسيل إلى الخطابات الأخيرة التي استهدفته، فقال رداً على الرئيس بري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من دون تسميتهما: «للحقيقة لم نُفاجأ بخطابات الأيّام الماضية الفارغة من أي مضمون سياسي والتي لا تحمل إلّا الحقد والتآمر. لن أردّ على كذبهم الفاقع فالأوّل لا يعلم عدد كتلته وكتل غيره ويريد أن يصنع من نفسه صاحب الكتلة الأكبر والثاني يا سيّد حسن حمّل الهيئة الناظمة مسؤولية انهيار قطاع الكهرباء لا الحصار ولا مصر ولا الأردن ولا هبة إيرانية ولا وزارة مال».

وأشار باسيل الى أن، «كلّ المنظومة مصرّة على عدم إقرار قانون «الكابيتال كونترول» لأنّ بعض المحظيين يهرّبون أموالهم إلى الخارج ونحن نريد أن نقيل رياض سلامة لكنّ الآخرين يعارضون لأنّهم «قابضين».

ورأى باسيل أن «رأس النظام اللبناني يمارس سياسة «ما خلّونا» فمن تسبب بخسائر بقيمة 22 مليار دولار في الكهرباء وأوقف معمل دير عمار ويحمي المياومين وأصحاب المولدات يسخر منّا».

واضاف: ان «مشروعنا ينطلق من وثيقة الوفاق الوطني ومن دستور الطائف ليس لنقضه بل لتطبيقه وتطويره ومعالجة الثغرات فيه. ورأى باسيل انه، «يمكن اساس المشكلة بلبنان انّه لا يوجد خلاف على ولادة الدولة وعلى لبنان الكبير، وفي ناس ما كان بدّهم دولة ولليوم ما بدّهم وفي ناس ما بدّهم لبنان كبير ويريده صغيرا».

بعد كل ذلك، دعا باسيل في خطوة تابعة لكل ما تقدم به إلى «تأليف حكومة وانتخاب رئيس خلال الشهرين الحاليين والانتقال لحوارٍ وطني نطرح فيه موقع لبنان ونظامه والنموذج الاقتصادي والمالي الحر والمنتج»، واعتبر هذا الامر ضرورياً.

والسؤال: ماذا عن سقف المواقف، وكيف يمكن لحزب الله ان يقارب هذا التصعيد، بما في ذلك الموقف من الدعوة للحوار اذا ما اقدم عون على تحديد موعد لمؤتمر او للقاء حوار قبل خروجه من بعبدا.. وحسب مصادر مراقبة فإن حزب الله الذي رمى اليه باسيل كرة الازمة بعد 31 ت1، سيحاول الضغط من اجل اعادة احياء المساعي لتأليف الحكومة او السير بأي مسار آخر.

لكن مصدراً وزارية مقرباً جزم ان لا تأليف للحكومة في ما تبقى من ايام تفصلنا عن نهاية العهد، فإنه اكد ان ترسيم الحدود البحرية هي الاساس، فإن تم الاتفاق على هذا الملف يصبح عندها كل شيء سهلاً، فينتخب رئيس للجمهورية، وتؤلف الحكومة، وتعبد الطريق امام عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

وأكد المصدر انه في نهاية المطاف سترسم الحدود البحرية ويأخذ لبنان حقه من ثروته، معتبراً ان اسرائيل مرغمة على توقيع الاتفاق لانها تعرف ان العكس سيكلفها الكثير من مليارات الدولارات، كون ان كل منصات التنقيب عن النفط والغاز هي تحت مرمى صواريخ المقاومة في حال اندلعت اي حرب.

ولفت الى ان الاميركيين يضغطون في اتجاه حل هذه الازمة من منطلق السعي لتأمين الغاز للاتحاد الاوروبي قبل الشتاء المقبل.

ووصفت مصادر سياسية المواقف التي اعلنها باسيل للرد على المواقف الاخيرة لبري وميقاتي وقوله ان حكومة تصريف الأعمال هي التي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المواعيد الدستورية المحدده، بانها هزيلة وغير مترابطة، وتعبّر بوضوح عن تخبط وضعف وعزلة سياسية للتيار العوني، قبل ما يقارب الشهرين من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان الدستورية وقالت: ان رئيس التيار الوطني الحر لم يستطع أن يبرر فشل العهد الذريع بادارة السلطة، وتدمير مؤسسات الدولة، والكارثة التي اوصل اليها لبنان حاليا، جراء ممارساته العبثية ومعاركه الفراغية، مع معظم الاطراف السياسيين، او ان يبرىء نفسه من مسؤولية تدمير ونهب قطاع الكهرباء، بالرغم من محاولته دق اسفين بالعلاقة بين رئيس المجلس والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، ونفض يديه من مسؤولية تعطيل مشاريع استجرار الكهرباء من الأردن من خلال عرقلة تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء، والقائها على الحصار الأجنبي المفروض على لبنان واتهام بري بعرقلة مشاريع الكهرباء وتعطيل مسار الدولة، اذا لم تحقق مصالحه الخاصة، في حين انه عمد الى تحميل مسؤولية ماحصل، ليس لخصومه فحسب، بل على الدستور والنظام، مطالبا بتنظيم مؤتمر للحوار بين اللبنانيين لبحث التعديلات المطلوبة من وجهة نظره لاصلاحه.

واشارت المصادر الى ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، حاول الاستمرار بلعب دور المقرر الرئاسي للامور، كما كان يفعل طوال السنوات الماضية، متناسيا أن العهد في ايامه الاخيرة، ولم يعد يحسب له الحساب نفسه والدليل على ذلك، انحسار حركة الزوار السياسيين من مختلف الاطياف والتوجهات الى بعبدا وانقطاع الرئيس عن العرب والخارج.

والاهم ان باسيل حاول لعب المقرر الاساس بالاستحقاق الرئاسي، من خلال محاولته تحديد مواصفات مغايرة لمواصفات بري وبكركي، واعلانه بأن يكون رئيس الجمهورية المقبل ذا حيثية شعبية وسياسية، رافضا أن يتم اسقاطه من قبل المسلمين.

ولاحظت المصادر ان باسيل مهد للفراغ الرئاسي بالادعاء ان خليفة ميشال عون غير متوفر حاليا، ليكرر التهديد او التلويح بخيارات غير دستورية، في حال لم يتم تشكيل حكومة جديدة تتولى مهمات رئيس الجمهورية، متجاهلا ان مثل هذه الخيارات غير قابلة للصرف حاليا، بوجود الدستور، والمجلس النيابي، وانحسار التعاطف والتاييد السياسي والشعبي لها، مهما بالغ في حملاته، والاهم عدم الانصياع لشروطه ومطالبه للتحكم بقرارات الحكومة الجديدة اذا تالفت. مع تراجع العمل على تشكيل الحكومة وتقدم الكلام والتحركات حول الاستحقاق الرئاسي، وبإنتظار اللقاء المرتقب بين مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والنواب السنّة، يوم 24 الجاري، علمت «اللواء» ان 23 نائباً حتى الآن اكدوا حضورهم بإنتظار مواقف النواب الاربعة الباقين.

وسيتم الاعلان من دار الفتوى قبل يوم او يومين من موعد اللقاء عن النواب الذين سيحضرون. علما ان المعلومات تشير الى عدم رغبة النواب اسامة سعد وحليمة قعقور وابراهيم منيمنة اللقاء.

 

تعليقات