محمد شقير ـ الشرق الاوسط
لن تحمل الجلسة النيابية
الخامسة المخصصة، الخميس المقبل، لانتخاب رئيس للجمهورية، مفاجأة يمكن التأسيس
عليها لإخراج العملية الانتخابية من الحلقة المفرغة التي ما زالت تدور فيها، ما
دام أن مواقف الكتل النيابية باقية على حالها.
ولن تبدّل من واقع الحال
النيابي الذي اتسمت به جلسات الانتخاب السابقة التي سجّلت إصرار ما تيسّر حتى
الساعة من الأكثرية النيابية على التصويت لمصلحة المرشح النائب ميشال معوّض في
مقابل اقتراع محور الممانعة بأوراق بيضاء.
ويتموضع بين الفريقين
عدد لا بأس به من النواب الذين يقترعون بأوراق مرمّزة مع فارق هذه المرة بمبادرة
عدد من النواب المنتمين إلى قوى التغيير وآخرين من المستقلين للتصويت لمعوض على أن
يحسموا موقفهم بصورة نهائية في اجتماعهم المقرر في مطلع الأسبوع المقبل.
ومع أن الجلسة النيابية
هذه هي الأولى بعد سريان مفعول الشغور الرئاسي لتعذّر انتخاب رئيس للجمهورية قبل
انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، فإن اللقاء الماراثوني الذي عُقد بين
الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران
باسيل، واستمر 6 ساعات لم يسفر عن إقناع الأخير بإخلاء الساحة لمصلحة ترشّح زعيم
تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، على الرغم من أنه أقرّ بأن حظوظه
الرئاسية متدنّية بخلاف حظوظ فرنجية الذي يراهن على تسجيل خرق في الموقف العربي
يمكن أن يدفع باتجاه تأييده من قبل عدد من النواب السنّة بما يسمح له بالحصول على
النصف زائداً واحداً في حال وقوف باسيل إلى جانبه.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن
باسيل لم يتزحزح عن معارضته لانتخاب فرنجية، وأن اجتماعه بنصر الله انتهى إلى عقد
لقاء ثانٍ لعلّه يعيد النظر في حساباته، خصوصاً أن الظروف السياسية التي كانت وراء
انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية لم تعد قائمة، وأن ميزان القوى في داخل
البرلمان ليس لصالحه، وأن الأفضلية تبقى لفرنجية الذي يُنقل عنه في مجالسه الخاصة
بأنه كاد يُنتخب رئيساً في الانتخابات الرئاسية السابقة، لكنه استجاب لرغبة الرئيس
السوري بشار الأسد ونصر الله وقرر إخلاء الساحة لعون.
وفي هذا السياق، قالت
مصادر سياسية مواكبة للأجواء التي سادت لقاء نصر الله - باسيل إنها لم تكن مريحة
لجهة مبادرة الأخير إلى إعادة النظر بموقفه لمصلحة فرنجية، وأكدت أن لمراعاته
حدوداً، وأن «حزب الله» لا يزال يسايره لعله يمنّ عليه بتأييده لفرنجية.
واستبعدت المصادر
السياسية أن يكون نصر الله في وارد الإعداد لاستضافة فرنجية وباسيل في لقاء يرعاه
شخصياً، ما لم يكن لديه ضمانات تقضي بسحب باسيل الفيتو الذي يضعه بعدم انتخابه
فرنجية رئيساً للجمهورية.
وقالت إن جمعهما يجب أن
يتلازم مع تبدّل موقف «التيار الوطني الحر» حيال فرنجية، وعندها يخصص للبحث في
المرحلة السياسية التي تلي انتخابه في حال نجحت المحاولات لتسويقه عربياً أولاً.
ولفتت إلى أن نصر الله
لا يحبّذ جمعهما للاتفاق على مرشح آخر يتفاهم عليه فرنجية وباسيل. وقالت إن «حزب
الله» يسعى حتى إشعار آخر لتسهيل إيصال فرنجية إلى سدة الرئاسة الأولى، وأن لا
بديل عنه، وهذا ما يدحض ما يتردّد من حين لآخر بأن الحزب يضع فيتو على انتخاب قائد
الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، على الرغم من أنه لم يطرح اسمه كمرشح في
عداد المتسابقين إلى الرئاسة الأولى.
وأكدت أن الحزب لا يزال
يتصرف على أن فرنجية هو مرشحه الوحيد، ويراهن على إقناع باسيل بدعم ترشيحه،
وبالتالي ليس في وارد الانتقال بالبحث عن مرشح بديل ليقال إنه يضع فيتو على انتخاب
قائد الجيش رئيساً للجمهورية، وأن ما يُنسب للحزب في هذا الخصوص يأتي في سياق
الحرب السياسية الدائرة لحرق اسم هذا المرشّح أو ذاك.
فتصفية الحسابات التي
تستهدف أكثر من مرشح يقودها حالياً باسيل، ليس بمعارضته لانتخاب فرنجية فحسب،
وإنما لمقاومته إيصال قائد الجيش إلى سدّة الرئاسة؛ لأن إيصاله سيؤدي حتماً إلى
زعزعة جمهور ومحازبي «التيار الوطني» بانحياز قسم لا بأس به منهم لمصلحة انتخابه،
وأن إقحام «حزب الله» في محاولة إقصائه ليس في محله؛ لأنه لن يقول كلمته في هذا
الخصوص ويحصر جهده في تعبيد الطريق كي تصبح سالكة أمام انتخاب فرنجية.
وكشفت المصادر نفسها عن
أن باسيل يقف وراء الترويج، وبالنيابة عن «حزب الله»، للقاء يجمعه بفرنجية للاتفاق
على مرشح بديل، وهذا ما بعث به إلى زعيم «المردة» بواسطة النائب فريد هيكل الخازن
في اللقاء الذي جمعهما منذ فترة طويلة، وأيضاً عبر وزير السياحة وليد نصار.
وأكدت أن فرنجية لم يأخذ
بنصيحته لأن نصر الله يتولى الإمساك بالملف الرئاسي، بالتعاون مع رئيس المجلس
النيابي نبيه بري.
وقالت إنه بات على باسيل
أن يعيد النظر في حساباته؛ لأن الثنائي الشيعي على تفاهم غير قابل للمساومة يقضي
بتوفير الدعم لفرنجية بخلاف الانتخابات السابقة التي أدت إلى انتخاب عون رئيساً
للجمهورية برافعة «حزب الله»، بخلاف موقف حليفه الرئيس بري الذي عارض انتخابه.
لذلك فإن فرنجية، كما
تقول المصادر السياسية، ينأى بنفسه عن إعلان ترشّحه للرئاسة، وكان تمنى على
الثنائي الشيعي التريُّث في تظهير موقفه الداعم له إلى العلن؛ لأنه لا مصلحة له
بتقديمه على أنه مرشّحه للرئاسة لقطع الطريق على من يحاول حرق اسمه. كما أن فرنجية
أخذ على عاتقه عدم حرق المراحل بإعلان ترشّحه، وهو يتطلع إلى سحب التحفظات التي
تعترض انتخابه بإبداء رغبته بالانفتاح على الدول العربية ذات التأثير في الساحة
اللبنانية، وإلا فلن يقدم على إدراج اسمه في السباق إلى الرئاسة؛ لئلا يتحول إلى
مرشح سابق.
ويبقى السؤال: هل يبدّل
باسيل موقفه، أم أنه يستعصي على مراعاة حليفه «حزب الله» ويذهب بعيداً في رفضه
لدعم فرنجية ما يعرّض علاقته بنصر الله إلى اهتزاز يمكن أن يترتب عليه تداعيات
ليست في حسبانه؟
أم أنه واثق من أن الحزب
بحاجة إلى حليف مسيحي ولن يفرّط بعلاقته به؟...
أما إذا كانت هناك ضرورة
لجمع «الحليفين اللدودين» من قبل «حزب الله»، فهذا يتوقّف على تراجع حظوظ فرنجية،
ما يتطلب توافقهما على مرشح يؤمّن شراكتهما في اختياره.
تعليقات
إرسال تعليق