الحوار في لبنان، بين من..وعلى ماذا يتم التحاور..؟؟..

 

بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات... حسان القطب..

منذ سنوات ولبنان يعاني من تعطيل اداء مؤسساته وشل عمل اداراته، والتلاعب بتنفيذ استحقاقاته الدستورية، ومع تفاقم الازمة السياسية وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية والامنية، يتم الحديث عن ضرورة اجراء حوار بين المكونات اللبنانية السياسية والدينية، للبحث عن حلول والتوصل الى مخارج ترضي الجميع.. ووضع لبنان على سكة التعافي والانطلاق مجدداً دون عوائق وعقبات ومطبات..

تنتشر مقالات سياسية وتسريبات صحافية وبيانات شبه يومية ومعلومات شبه مؤكدة واحياناً مجرد اشاعات كاذبة، عن لقاءات حوارية تعقد هنا وهناك، بهدف التوصل الى رؤية مشتركة يتم تقديمها الى القيادات السياسية والدينية للاطلاع عليها، واستخلاص بعض مضمونها للبناء عليه لعل هذه المرجعيات تستفيد من تحاور اللبنانيين ومحاورات المجموعات والنخب الثقافية والمجتمعية واللجان والجمعيات وغيرها..

ولكن هنا يجب ان نتوقف للاشارة الى نقاط اساسية يجب ان تسبق اطلاق اللقاءات الحوارية:

يجب ان يكون هناك قناعة حازمة عند القوى السياسية والدينية بان الحوار المدخل الموضوعي للخروج من الازمة.

يجب ان تدرك هذه القوى ان الحوار ليس مجرد وسيلة لشراء الوقت بانتظار متغيرات اقليمية، في حال تحققت او تمت نطيح بطاولة الحوار ومندرجاتها، كما جرى مع تفاهم بعبدا حول (النأي بالنفس ) وحينها نائب حزب الله محمد رعد اعلن موافقة حزب الله عليه ثم قال هو نفسه لاحقاً.. (اشربوا ماءه) ولم يلتزم به حزب الله ابداً.. لان التدخل الروسي في سوريا اعطاه ورقة قوة وضغط.. مما دفعه للانقلاب على موافقته وتجاهل توقيعه..؟؟

يجب ان تعلم كافة الجهات والقوى التي تتحدث عن الحوار وتطالب به، ان الحوار يكون على قاعدة المساواة، وليس بلغة فوقية ومصطلحات تخوينية وفتح جبهات اقليمية..

يجب ان يفهم ويتفهم كافة المتحاورين وخاصة الفريق المسلح منها، ان الحوار يهدف لبلوغ مفاهيم مشتركة، وليس لفرض قناعات وشروط استسلام .

يجب التوافق مسبقاً، على ان السلاح ودوره خارج مؤسسات الدولة، سوف يكون البند الاول والوحيد على طاولة الحوار، اذ لا يعقل ومن غير المقبول ان تكون طائفة وميليشيا مسلحة بكافة انواع الاسلحة تطالب بالحوار مع مكونات اخرى..!!

يجب ان يدرك البعض من ادوات الوصل والتواصل وخاصة مع السفارات، ان الدعوة للحوار ليس الهدف تبرير موقف فريق على حساب فريق اخر.. وتشويه صورة مكونات واتهامها بالتطرف لحماية ارتكابات الفريق المتطرف الحقيقي..

الحوار يكون بين قوى وازنة ولها مصداقية والتزام بما تتفق عليه.. ولا تتنكر لموافقتها او التزاماتها لاحقاً..

وضع جدول اعمال للحوار، ونفاط اساسية تلامس صلب المشكلة السياسية وتداعياتها..

يجب الاتفاق مسبقاً على ان يكون الحوار للانطلاق بتفعيل عمل المؤسسات الدستورية وليس بتعديلها..

وللتأكيد على ما نقول او لايضاح وجهة نظرنا نتوقف هنا عند تصريح مسؤول في حزب الله.. ويدعى نبيل قاووق...(حزب الله وحلفاؤه يقاربون الإستحقاق الرئاسي بإيجابية وبروحية التوافق ويطرحون التفاهم والحوار لإنقاذ البلد برئيس يؤتمن على البلد وعلى الوحدة الوطنية". وختم قاووق: "جربوا في المجلس النيابي سبع مرات أن ينتخبوا رئيس مواجهة وتحد وفشلوا وقد آن الآوان أن يقتنعوا بأنهم غير قادرين على إنتخاب رئيس مواجهة لأن هذا المنطق وصل إلى طريق مسدود فكفى عنادا، وعليهم أن يتقبلوا حقيقة أن البلد يحتاج إلى حوار وتوافق وطني وهو الطريق الأضمن لإنتخاب رئيس للجمهورية")..

وكان سبق للسيد قاووق ان قال كلاماً مناقضاً لتصريحه الاخير هذا حين اعلن ان حزب الله يريد رئيس جمهورية بمواصفاته... حيث قال نبيل قاووق، (إن حزب الله لن يسمح بفرض رئيس للجمهورية بمواصفات غير التي يريدها الحزب)

اذا التوافق الذي يطالب به حزب الله على لسان قاووق.. هو التوافق على الاستسلام لسياسات حزب الله وسيطرته على السلطة وهيمنته على القرار السياسي..

في حين سبق ان أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش خلال خطبة الجمعة، حيث قال سماحته: "نحن في كل ما نقوم به لا نفتش عن مكاسب ‏سياسية، ولا نريد الهيمنة على موقع الرئاسة أو غيره من مواقع السلطة ‏كما يظن البعض أو فرض رئيس للجمهورية"..

كلام دعموض يناقض كلام قاووق...؟؟؟ والمقارنة والمقاربة بين يدي القاريء...

في حين ان كلام محمد رعد فيه تحريض وترهيب وتخويف ورفع جدران الكراهية حين يقول.. اعتبر رعد أنه "علينا أن نختار الخيار الأصلَح وهو أن نأتي برئيسٍ يعتزّ بأداء شعبه وجهاد أبناءه في حماية بلده ويحرِص على أن لا يطعن المقاومة في ظهرِها ولا يُخيّب آمال الناس الذين عاشوا الأمن والتحرير في ظلّ فعاليّة المقاومة"، مشددا على أن "الصراع بالشّكل حول مقعد رئيس الجمهورية لكن في المضمون هو صراع حول مصيركم أن تبقون في هذا البلد أو تُهجّرون أو أن يستبيح عدوّكم هذا البلد أو أن تأمنون في بلدكم".

الحوار الجدي يبدأ بتفعيل الاستحقاقات الدستورية واولها انتخاب رئيس للجمهورية، دون شروط مسبقة، على قاعدة الاكثرية تحكم وتتحمل المسؤولية، والاقلية تعارض..

ان انتخاب رئيس للجمهورية ليس تحدي لاحد بل هو استحقاق دستوري يفوز به الفريق الاقوى سياسياً على الساحة اللبنانية.. ويملك رؤية سياسية وقدرة على معالجة الازمة التي يعيشها لبنان.. وربما نسي السيد قاووق انه وقبل ستة سنوات منع حزب الله وحلفاؤه انتخاب رئيس لمدة 45 دورة وجلسة انتخابية وعلى امتداد عامين ونصف تقريباً، حتى وصل الى سدة الرئاسة مرشح التحدي الجنرال ميشال عون.. وبعد انتهاء ولايته اين وصل لبنان بمرشح حزب الله..؟؟ وحتى نكون منصفين من يتحمل مسؤولية تردي الاوضاع وانهيار الوطن ومؤسساته هو من فرض ميشال عون رئيساً ومن استجاب لتهديداته...وليس فريق عون الخاص وحده.. والان عندما وجد حزب الله نفسه عاجز عن فرض مرشح رئاسي، يطالب بالحوار وينصح بالتفاهم من باب الحرص..؟؟ اين كان هذا الحرص قبل ستة سنوات.. وهل يجرؤ حزب الله وامينه العام الاعلان عن مسوؤليتهم بالفشل والتدهور الذي وصل اليه لبنان نتيجة سياسة الهيمنة وجلسات الحوار الوهمية والكاذبة التي يتم الدعوة لها والترويج لمضمونها عبر ادوات اعلامية امتهنت الكذب والتقية والتلاعب بالمعطيات.. لخدمة مشروع السقوط والانهيار الذي نعيشه خدمة لمشروع اقليمي عاجز حتى عن ضبط بلاده .. ويبحث عمن يتهمه بالفشل على طريقة حلفائه في لبنان..؟؟

بناءً على ما تقدم، نعرف ان مصطلح حوار وتوافق وتفاهم وتقارب هو من صناعة حزب الله وفريقه السياسي والاعلامي، الظاهر منه والباطني.. ولذا يحق لنا التساؤل عن الجهة المقابلة  التي يجب ان تكون نداً متكافئاً للحوار مع حزب الله.. وما هي بنود الحوار واهدافه..؟؟؟ وهل سيكون هناك حوار بالفعل ام شروط استسلام يجب التوقيع عليها..؟

لذلك علينا ان نتوجه بالسؤال .. الحوار في لبنان، بين من..وعلى ماذا يتم التحاور..؟؟  

 

تعليقات