علمت «الشرق الأوسط» من مصدر مصرفي رفيع، بأن القاضية عون وجّهت مذكّرة إلى 7 مصارف لبنانية تطلب فيها رفع السرية المصرفية عن حسابات كبار العاملين، من حاليين وسابقين في القطاع المصرفي، بذريعة أن الهندسات المالية التي حصلت سابقاً بين عدد من المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لا تخلو، من وجهة نظرها، من تبييض للأموال.
وأكد المصدر المصرفي الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن القاضية
عون كانت استمعت إلى رؤساء مجالس إدارات هذه المصارف بناء للإخبار الذي تقدّمت به
مجموعة «متحدون» المحسوبة على «التيار الوطني الحر»، واستثنت من اللائحة الاستماع
إلى زملائهم في المصارف الشريكة في الهندسات المالية لاعتبارات سياسية، انطلاقاً
من أن بعض هذه المصارف يدين بالولاء السياسي للتيار العوني.
وكشف أن القاضية عون طلبت في مذكّرتها إلى هذه المصارف،
رفع السرية المصرفية عن الحاليين والسابقين من رؤساء وأعضاء مجالس إداراتها
والمديرين التنفيذيين ومديري الفروع ومدقّقي الحسابات والمراقبين الماليين، مع أن
القانون الذي كان أقرّه البرلمان والخاص برفع السرية المصرفية يكون نافذاً فور
نشره في الجريدة الرسمية من دون أن يكون له مفعول رجعي.
ولفت المصدر المصرفي نفسه إلى أن القاضية عون ارتكبت
مخالفة، لأن القانون لا يسمح لها بمخاطبة المصارف من دون المرور عبر النيابة
العامة التمييزية، كما أن النظر في تبييض الأموال يعد من صلاحية المدّعي العام
المالي القاضي علي إبراهيم.
وقال إن جمعية المصارف بادرت إلى التحرّك لدرء الأخطار
المترتبة على المصارف اللبنانية، خصوصاً أنها استهدفت كبرى المصارف بطلبها رفع
السرية المصرفية عن حسابات الجسم الإداري المشرف على تدبير شؤونها في علاقتها مع
المودعين، ورأى أنها تتحرّك من تلقاء نفسها من دون أن تتلقى إشارة قضائية من
النيابة العامة التمييزية تلاحق جميع المشمولين بمذكرتها التي بعثت بها إلى هذه
المصارف، انطلاقاً من ملاحقتها لحسابات سلامة وشقيقه رجا.
وأكد أن القاضية عون أعادت إرسال مذكرتها هذه بالتزامن مع
التحقيقات التي باشرها الفريق القضائي المؤلف من قضاة من فرنسا وألمانيا
ولوكسمبورغ، لعلها تتجاوز صلاحياتها بغطاء من هؤلاء القضاة، الذين ركّزوا، لدى
استماعهم إلى عدد من القيّمين على عدد من كبرى المصارف، على سلامة وشقيقه رجا.
وأضاف أن رئيس جمعية المصارف سليم صفير، كان التقى أول من
أمس، الرئيس ميقاتي في حضور العدد الأكبر من أعضاء الجمعية، وقال إنه شكا أمامه
إمعان القاضية عون في تجاوزها لصلاحياتها، محذّراً ممّا يترتب على مذكرتها إلى عدد
من المصارف من تداعيات سلبية على القطاع المصرفي ككل، في الوقت الذي يسعى فيه
لالتقاط أنفاسه للخروج من الأزمة المالية الخانقة التي تحاصر لبنان وتوفير الحلول
للمودعين.
وكشف المصدر أن مجرّد لجوء القاضية عون إلى إيداع مذكرتها
لدى عدد من المصارف الكبرى يمكن أن يُلحق الضرر، ليس بها فحسب، وإنما بالقطاع
المصرفي ككل، في ضوء مبادرة أحد أكبر المصارف الأميركية التي تتعامل معها المصارف
إلى الاستفسار عما يدور في هذا القطاع، وقال إن القاضية عون لا تدرك المخاطر
المترتبة على البلد في حال أن المصارف في الخارج التي تراسلها المصارف اللبنانية
امتنعت عن تأدية الخدمات المالية، سواء بخصوص فتح الاعتمادات المالية أو بقبول
التحويلات المرسلة من الخارج إلى لبنان.
وحذّر المصدر نفسه من التلكّؤ في كفّ يد القاضية عون
لتمكين القطاع المصرفي من الصمود بإمكاناته المتواضعة كأساس لتأمين استمراريته،
لأن البديل يكون بفرض «حجْر» مالي على البلد يوقف حركة الاستيراد والتصدير
والتحويلات من البلد وإليه، وقال: ألا يكفي ما أصاب هذا القطاع وما لحق به من
أضرار جمة؟.......
ويبقى السؤال: هل بات القطاع في حاجة إلى «تأديبه» من قبل
قاضية تتجاوز صلاحياتها؟ وهل من يوقفها ويضع حداً لإجراءات الاستنسابية التي ستؤدي
حكماً إلى انقطاع لبنان مالياً عن العالم؟
(الشرق الاوسط)
تعليقات
إرسال تعليق