كتبت صحيفة "الاخبار" تقول:
نشطت في اليومين الماضيين المشاورات السياسية الداخلية
المتعلقة بالملف الرئاسي، على أن تكتمل صورتها مع الزيارة المفصلية للبطريرك
الماروني بشارة الراعي إلى باريس في الثاني من حزيران المقبل، ولقائه الرئيس
إيمانويل ماكرون وطاقمه المكلف ملف لبنان. النشاط المستجدّ جاء تحت ضغوط قوية من
بعض العواصم المعنية لدفع معارضي المرشح سليمان فرنجية إلى الاتفاق على مرشح منافس
له، وأعاد إلى دائرة المشاورات اسم الوزير السابق جهاد أزعور الذي عاد إلى لبنان
أخيراً.
وأوضحت مصادر متابعة لـ «الأخبار» أن الأيام الماضية شهدت
تجدّد الاتصالات بين التيار وقوى المعارضة، جرى خلالها «توضيح المواقف وسوء
التفاهم الذي أدى وقف المشاورات أخيراً»، وتم الاتفاق على استئنافها من حيث انتهت،
عند اسم أزعور. وأشارت إلى أن بيان التيار على مواقع التواصل الاجتماعي أمس، يشير
إلى السقف الذي وصلت إليه عملية التفاوض بدقة، وأن إشارته إلى «الإيجابية في
الحوار مع الكتل المعارضة» وإلى «توافق على الأسماء سيسري قريباً على المقاربة
والبرنامج»، صحيحة تماماً. لكنها توقفت عند الإشارة إلى «توافق على الأسماء»، في
ما يبدو وكأنه «تقصّد بعدم الإشارة إلى وجود اسم واحد»، لافتة إلى أن رئيس حزب
الكتائب سامي الجميل الذي يتولى الوساطة أصبحت لديه مواقف أكثر وضوحاً وحسماً في
ما يتعلق باسم أزعور الذي يبدو الأكثر قبولاً من كل هذه القوى.
وفي هذا السياق، أوضحت المصادر أن القوات اللبنانية تبلغت
قبل يومين بأن باسيل حسم موقفه، بتأييد ترشيح أزعور، وأن القوات أبلغت، من جهتها،
الوسيط الكتائبي استعدادها للسير بأزعور شرط أن يعلن باسيل موقفه أولاً، وأن يضمن
التزام كل أعضاء تكتله النيابي بتأييده، وأن يسحب فكرة الحصول على موافقة ثنائي
أمل وحزب الله.
هذا التطور جاء نتيجة خلاصات عاد بها باسيل من جولته في
إيطاليا وفرنسا حيث التقى مسؤولين في البلدين، وسمع من المستشار الرئاسي الفرنسي
باتريك دوريل أن باريس لا تزال تدعم فكرة التسوية التي تحمل فرنجية إلى قصر بعبدا
مقابل نواف سلام إلى السراي الكبير، وأن الفرنسيين حتى اللحظة لا يشعرون بوجود
مرشح جدي غير فرنجية.
وبعدما عرض باسيل وجهة نظره من ترشيح فرنجية ومن مسألة
النصاب والتوافق الرئاسي، أكد أن هناك محادثات جدية للتفاهم على مرشح آخر، وأن هذا
الأمر سيكون قابلاً للتحقق في وقت قريب. وسمع في المقابل رغبة فرنسية بإنجاز
الاستحقاق الرئاسي قريباً، وأنه في حال تعذر التوافق على مرشح آخر، فإن فرنجية هو
صاحب الحظ الأوفر، وعلى معارضيه تقديم مرشحهم، ما يسمح بانعقاد المجلس النيابي،
وبما يضمن حصول جلسة الانتخاب بمعزل عن النتائج.
وفي ما يتعلق بالتباين داخل تكتل لبنان القوي، قالت مصادر
إن الأمر يعود إلى نقاش سابق لم يُحسم حول ترشح عضو من التكتل بعدما أبلغ باسيل
النواب أنه غير مرشح. إذ طرح عدد من النواب، يتقدمهم الياس بو صعب وألان عون وأسعد
درغام، ترشيح النائب إبراهيم كنعان باسم التكتل، باعتبار أن ذلك لن يكون مستفزاً
للفريق المسيحي. إذ سبق أن أعطى البطريرك موافقة على ترشيح كنعان، كما هناك إشارات
إلى أن القوات لا تعارض ترشيحه، وإن كانت لم تؤيده. كما أن كنعان، بحسب أصحاب
الطرح، تربطه علاقات جيدة مع ثنائي أمل وحزب الله ومع غيرهما، ولا يعتبر ترشيحه
مستفزاً لهذا الفريق.
وفيما يبدو أصحاب هذا الطرح غير مؤيدين لترشيح أزعور
لأسباب مختلفة، فإن باسيل يفضل أزعور على كنعان، من منطلق البحث عن مرشح من خارج
الكتل النيابية والحزبية، وقدرة أزعور على وضع برنامج عمل بالتعاون مع كل القوى.
ونقل قياديون في التيار الوطني عن أزعور أنه لا يريد مواجهة مع أحد، لكنه لا يعتبر
ترشيحه من قبل عدد وازن من النواب تحدياً لأحد.
أما في ما يتعلق بموقف رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط،
فتشير مصادر مطلعة إلى مناخات سلبية تحيط به، وإلى رغبته «الشخصية» بعدم الدخول في
الملف الرئاسي في ظل الانقسام، وتفضيله التصويت بورقة بيضاء على الدخول طرفاً في
ما يحصل. وقال جنبلاط لزواره إنه لا يجد ما يبرر له التصويت لمصلحة فرنجية، علماً
أن الرئيس نبيه بري يراهن على عودة الزعيم الدرزي إلى فكرة توزيع أصوات كتلة
اللقاء الديموقراطي بين المرشحين المتنافسين.
وعلى ضفة «التغييريين»، لا يزال الانقسام سيد الموقف، إذ
يؤيد البعض السير بأزعور، بينما يدعو فريق آخر إلى ترشيح شخصية لا ترتبط بتحالف مع
القوات أو التيار.
في المقابل، لا يزال الفريق الداعم لفرنجية يعتبر بأن «ما
يقوم به باسيل ليسَ سوى مناورة للضغط على الثنائي، وأنه غير قادر على صياغة اتفاق
مع القوات لغياب الثقة بينهما». ورغمَ ذلك، فإن الاتفاق لو حصل، تقول المصادر،
سيكون «باسيل أول الخاسرين فيه وهو يدرك ذلك تماماً». وكشفت عن «اتصالات جديدة
تتولاها شخصية فرنسية رفيعة مع السعوديين في ما يتعلق بفرنجية وقد حققت اتصالاتها
تقدماً كبيراً»، مشيرة أن «لا مشكلة في ما يتعلق بالأصوات المطلوبة لانتخابه، لأننا
في مرحلة انتقال سعودي من اللافيتو على فرنجية إلى الدعم المباشر الذي سيترجم
بالطلب من النواب الذين تمون عليهم الرياض التصويت لمصلحته».
تعليقات
إرسال تعليق