مستوطنون يهاجمون قرى بالضفة ويحرقون ممتلكات سكانها ونتنياهو: ردنا على الإرهاب ضربه بقوة وبناء إسرائيل

شن عشرات المستوطنين هجمات على تُرمسعيا شمال رام الله، وأضرموا النيران في مساكن ومتاجر ومركبات وحقول وأشجار زيتون، في حين يحاول سكان القرية الوادعة الدفاع عنها. وأكد رئيس بلديتها احتراق قرابة 60 سيارة ونحو 30 منزلا في هجوم المستوطنين.

وقالت مراسلة الجزيرة جيفارا البوديري إن معظم سكان القرية الهادئة يحملون الجنسية الأميركية، وإن قوات الاحتلال لم تحرك ساكنا، أو تحاول وقف اعتداءات المستوطنين، حيث انسحبت من القرية بعد اقتحامها في أعقاب هجوم المستوطنين.

من جانبه قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "ردنا على الإرهاب هو ضربه بقوة، وبناء إسرائيل" في حين قالت الخارجية الفلسطينية إن جريمة حوارة تتكرر وتتسع من جديد وسط صمت دولي مريب.

وكان أكثر من 35 فلسطينيا أصيبوا بجراح مختلفة جراء اعتداءات المستوطنين على قرى وبلدات ترمسعيا، بيت فوريك، عَورتا" إضافة إلى "حوارة، اللُبَّن الشرقية، الساوية، زعترة، ياسوف، دير شرف".

وتصدى الشبان الفلسطينيون للمستوطنين، فردت عليهم قوات الاحتلال بإطلاق الرصاص المعدني وقنابل الغاز.

كما طالت الاعتداءات أراضي ومحاصيل زراعية، و140 مركبة فلسطينية، إضافة إلى إحراق سيارة إسعاف. وأكد "الدفاع المدني" أن طواقمه حدت من وصول النيران لمرافق محطة وقود رئيسية.

وقبل اقتحام المستوطنين اليوم ترمسعيا، أعلن جيش الاحتلال الأربعاء أنه قام بعدة اعتقالات في عوريف الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة، بعد هجوم مسلح نفذه فلسطينيان من القرية الثلاثاء قرب مستوطنة يهودية وأسفر عن مقتل 4 إسرائيليين.

وأفاد الجيش الإسرائيلي في بيان "تم نقل المعتقلين للتحقيق معهم من قبل قوات الأمن" موضحا أن الجنود المنتشرين في عوريف "يحاولون وضع مخططات لمنازل الإرهابيين" الذين نفذوا الهجوم قرب مستوطنة عيلي.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن رئيس مجلس قرية عوريف عبد الحميد شحادة أن "قوات الاحتلال اقتحمت البلدة، وداهمت عدة منازل واعتقلت عددا من المواطنين".

إطلاق النار قرب موقع عسكري

وفي وقت سابق، أعلن جيش الاحتلال أن مسلحين أطلقوا النار قرب موقع عسكري شرقي رام الله في الضفة بدون وقوع إصابات، وأضاف أن قواته ردت بإطلاق النار وتجري أعمال تمشيط بالمنطقة بحثا عن مشتبه بهم.

في غضون ذلك، اقتحمت قوات إسرائيلية قرية عوريف جنوب غربي نابلس فجر اليوم، وأجرت ما وصفته بالمسح الهندسي لمنازل عائلتي منفذي عملية مستوطنة عيلي أمس التي قتل فيها 4 من المستوطنين وجرح 4 آخرون، وقال متحدث باسم جيش الاحتلال إن هذا الإجراء يأتي تمهيدا لهدم المنازل، وأضاف أنه تم اعتقال 3 أشخاص يشتبه أن لهم علاقة بمنفذي الهجوم.

وجاء الهجوم على المستوطنين -الذي تبنّته كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- بعد يوم من الاقتحام غير المسبوق لمخيم جنين الذي ارتفع عدد شهدائه إلى 8 صباح اليوم بعد استشهاد سديل نغنغية (14 عاما) متأثرة بجراح أصيبت بها خلال هجوم قوات الاحتلال على المخيم أمس الأول.

وقال الجيش الإسرائيلي أمس إن مسلحا أطلق النار على أشخاص في موقف لانتظار الحافلات داخل محطة للوقود عند مدخل المستوطنة، وأضاف أنه لم يكن لدى أجهزة الأمن معلومات استخبارية تفيد بتخطيط عنصرَي حماس لتنفيذ العملية.

وأفادت الإذاعة الإسرائيلية بأن منفذي عملية عيلي من سكان عوريف، وأن أحدهما استشهد في موقع الهجوم والآخر قرب طوباس، وذكرت مصادر أمنية إسرائيلية أن منفذَي العملية كانا معا بالزنزانة نفسها في سجن مجدو الإسرائيلي عام 2020.

وقد أعلنت حماس مسؤوليتها عن عملية عيلي، وقالت إن منفذَيها من منتسبي كتائب القسام، مؤكدة أن العملية رسالة واضحة لحكومة الاحتلال، وأنها رد طبيعي على مجزرة جنين أول أمس، وعلى مخططات الاحتلال "الخبيثة" لتقسيم المسجد الأقصى المبارك واستكمال حلقات تهويده.

ومن ناحيته دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، مساء أمس، إلى "المزيد من الأعمال البطولية" ضد إسرائيل في الضفة.

إجراءات إسرائيلية انتقامية

وضمن الإجراءات الانتقامية الإسرائيلية، قال وزير الدفاع يوآف غالانت إن من وصفهم بمرتكبي الأفعال الإرهابية ومرسليهم سيتحملون المسؤولية الكاملة عن أفعالهم "الإجرامية".

وأوعز غالانت بسحب عشرات تصاريح العمل من أقرباء وعائلات الشهيدين اللذين نفذا عملية عيلي شمال مدينة رام الله أمس.

وقال بيان صادر عن مكتب غالانت إنه طلب من منسق عمليات حكومة الاحتلال بالضفة سحب كافة تصاريح العمل من أقرباء منفذي عملية إطلاق النار التي أسفرت عن مقتل 4 مستوطنين.

ويندرج ذلك ضمن الإجراءات الانتقامية التي تتخذها سلطات الاحتلال ضد عائلات الشهداء ممن ينفذون عمليات مقاومة ضد أهداف إسرائيلية.

ومن جانبه، قال وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن للجيش تفويضا كاملا لتعميق وتوسيع نشاطه الأمني ضد ما سماه الإرهاب.

تعزيزات عسكرية

وقد أعلن جيش الاحتلال تعزيز قواته في الضفة بكتائب إضافية، وذلك في أعقاب عملية عيلي.

وقرر رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي تعزيز انتشار القوات شمالي الضفة، وذلك عقب عملية إطلاق النار في مستوطنة عيلي الواقعة بين مدينتي رام الله ونابلس.

وجاء قرار هاليفي خلال زيارة تفقدية لمكان هذه العملية، حيث أوعز على إثرها بشن عمليات اعتقال فلسطينيين.

وذكر بيان لجيش الاحتلال أنه -بناء على تقييم الوضع الذي أجرته قيادة الجيش- تقرر تعزيز وزيادة وجود عدد من الكتائب الإضافية بالضفة، وأنه سيتم تعزيز القوات ابتداء من الليلة.

وتشهد الضفة اليومين الأخيرين توترا شديدا، إثر اقتحام جيش الاحتلال مدينة جنين شمالي الضفة، فجر أول أمس، مما أدى إلى مقتل 8 فلسطينيين، وإصابة أكثر من 65 آخرين، بالإضافة إلى إصابة 7 جنود إسرائيليين.

مطالبة فلسطينية بتدخل أميركي

في هذه الأثناء، طالبت الخارجية الفلسطينية بتدخل أميركي عاجل لمنع "الانفجار" الذي يُحضّر له غلاة المتطرفين.

كما أرسلت البعثة الفلسطينية الأممية رسالة لمجلس الأمن الدولي بشأن العملية الإسرائيلية الأخيرة بجنين، قالت فيها إن إسرائيل نفذت غارات جوية في هجوم على الضفة المحتلة لأول مرة منذ عام 2002، وعرّضت المدنيين لخطر شديد.

ومن جهتها، عبّرت الخارجية الأميركية عن قلقها من "استمرار العنف بإسرائيل والضفة، مما أسفر عن مقتل وجرح مدنيين فلسطينيين وإسرائيليين" وأضافت أنها تواصل العمل مع "إسرائيل والسلطة الفلسطينية لتعزيز الخطوات نحو وقف التصعيد".

وبدوره دان الاتحاد الأوروبي ما وصفه بالهجوم الإرهابي قرب مستوطنة عيلي، وعبّر عن قلقه إزاء تصعيد "العنف" والتوسع الاستيطاني، وحث "جميع الأطراف" على العمل من أجل "خفض التصعيد وإنهاء دوامة العنف".

(المصدر : الجزيرة)

تعليقات