كتبت صحيفة الأخبار:
تكشّف المزيد من
المشاورات التي سبقت قرار التجديد الأسبوع الماضي، خصوصاً أن مجموعة الضغط التي
عملت لمصلحة العدو لم تكن عادية هذه المرة، إذ انضم إليها، بصورة علنية، طرف عربي
يُفترض أنه يمثل مصالح المجموعة العربية في مجلس الأمن.
فقد لعبت مندوبة دولة
الإمارات العربية في الأمم المتحدة لانا زكي نسيبة «الدور الأقذر» في سياق
المفاوضات والمداولات، وهي الوحيدة التي شنّت في كلمتها العلنية حملة على حزب
الله، محاولة تحميله مسؤولية أي خلل يحصل في عمل القوات الدولية.
وبحسب المعلومات التي
تجمّعت بعد انتهاء الجلسة، فإن أحداً لم يكن ليُفاجَأ بمواقف الولايات المتحدة
وبريطانيا ودول أخرى، كما لم يكن متوقّعاً أن تشهر فرنسا تأييدها لإسرائيل بطريقة
تستفزّ لبنان، علماً أنها تحاول الإيحاء بالتوازن سعياً إلى لعب دور في رسم مستقبل
لبنان السياسي والاقتصادي.
لكن ما فاق التوقّعات هو
دور الإمارات في خدمة إسرائيل.
وكشفت المداولات أن
نسيبة، وهي من أصول فلسطينية، نسيت أنها تمثل المجموعة العربية في مجلس الأمن كما
يفترض العرف، وتحوّلت إلى شريكة في العمل لمصلحة العدو، وقادت حملة ضد المقاومة،
وأبلغت السفراء الغربيين أنها ترفض إدخال أي تعديل يحدّ من حركة القوات الدولية،
وأن تفهّمها ينحصر فقط بمطلب لبنان تعديل تسمية الجزء الشمالي من بلدة الغجر إلى
خراج بلدة الماري، لكنها اعتبرت أن هذا البند ليس ذا أولوية ولن تخوض معركة من
أجله.
وأثناء لقاء وزير
الخارجية عبدالله بو حبيب مع السفراء العرب، تهرّبت نسيبة من الدخول في أي نقاش،
كما تهرّبت من محاولات بو حبيب اللقاء بها، قبل أن توافق على عقد اجتماع معه
بمفرده، في مكان غير مخصّص للقاءات من هذا النوع.
وكرّرت أمامه أنه سيكون
من الخطأ أن يتحدّث لبنان عن سحب طلب التجديد للقوات الدولية، وأبلغته بأن
التعليمات التي وصلتها من أبو ظبي تطلب منها الضغط لضمان أكبر هامش حرية لتحرّك
القوات الدولية، وأنها لن تدعم طلب لبنان إخضاع الحركة لتنسيق مسبق مع الحكومة
اللبنانية ممثّلة بالجيش.
وتولّى دبلوماسي غربي
عرض ما أسماه «موجز ما يحصل في مقر الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن «الإمارات كانت
تقاتل إلى جانب إسرائيل، ولم نشعر بأن الوفد اللبناني مارس ضغطاً كافياً لتعديل
موقف أبو ظبي». وتساءل: «كيف نقاتل من أجل لبنان فيما لا يحظى أصلاً بدعم مندوبة
المجموعة العربية؟».
الأكثر خطورة تمثّل في
ما كُشف عنه في التصويت على النسخة الأخيرة من مسوّدة القرار. إذ تبيّن أن
الإمارات كانت شريكة للولايات المتحدة وبريطانيا برفض ما اعتُبر صياغات فرنسية تناسب
حزب الله. وحاولت نسيبة منع إضافة العبارة الخجولة التي تشير إلى التنسيق مع
الحكومة.
وعندما تمّ الاتفاق على
الصيغة الأخيرة، بعد إلغاء تسمية الماري، والإشارة إلى مستوعبات «جمعية أخضر بلاد
حدود»، حاولت سفيرة الإمارات التدخل لإزالتها. ووصل بها الأمر إلى حدّ المطالبة
بالتصويت ليس على مجمل المسوّدة، بل على هذه الفقرة التي تخصّ التنسيق مع الحكومة
اللبنانية، وكانت تأمل إسقاطَها.
المتابعة الإضافية تبيّن
أن الجانب الإماراتي يخوض ممثّلاً بسفيرته الفلسطينية الأصل، كل المعارك التي
تستهدف قوى المقاومة في فلسطين ولبنان، وكشفت الإمارات عن حقد غير مفهوم ليس ضد
الإسلاميين فقط، بل ضد فكرة المقاومة. وفيما كان وزير حرب العدو يؤاف غالانت يحمل
معه إلى نيويورك «تفاصيل خرق حزب الله الكامل للقرار 1701»، ما يتطلب أن تكون
القوات الدولية أكثر حزماً وقساوة، تبيّن أن لدى الجانب الإماراتي معطيات إضافية.
ويجري الحديث عن أن
المخابرات الإماراتية تحصل من جهات في لبنان، سياسية وأمنية، على معطيات كثيرة، من
بينها ما يخصّ حزب الله في الجنوب، وليس فقط معلومات تتعلق بلبنانيين يعملون في
الإمارات وتنظر إليهم حكومة أبو ظبي بشك.
يبدو أن التخاذل لا يقتصر
على الحكومة اللبنانية ووزارة الخارجية فقط، بل يتعداهما إلى أجهزة أمنية لبنانية
رسمية تقدّم خدمات لدولة الإمارات، مقابل توفير الأخيرة دعماً مالياً لهذه
الأجهزة. وربما لا ينبغي أن يستغرب أحد، إن خرج علينا غداً مسؤول لبناني يشكر دولة
الإمارات على دورها في مجلس الأمن!
تعليقات
إرسال تعليق