هل الإفراج عن الأسيرات يستحق ما حصل في غزة؟

د. إياد قنيبي

هل الإفراج عن الأسيرات يستحق ما حصل في غزة؟

1. فَكُّ العاني "إطلاق الأسير" له مكانة كبيرة في الإسلام، حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (فَكاكُ الأُسارَى مِن أعظمِ الواجباتِ، وبذلُ المالِ الموقوفِ وغيرِه في ذلك من أعظمِ القُرباتِ).

فكيف عندما يجتمع مع الأسر العرض؟! فنساء المسلمين عِرضٌ يجب أن يصان ولو بالدم. والتضحية في سبيل ذلك من مواطن الشهادة في سبيل الله.

2. تحرير الأسيرات إنما هو بركة من بركات طوفان الأقصى الكثيرة، من إحياء أجيال من الشباب الضائعين، وتكريس عقيدة الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين، وغيظ للكافرين وتجرئة المسلمين عليهم وإيقاع الخسائر فيهم ولا تزال، وظهور المنافقين وأعداء الدين على حقيقتهم، وفضول الملايين لمعرفة ما في هذا الدين العظيم ودخول بعضهم في الإسلام، ومعرفة كثير من الشعوب بحقيقة الكيان الغاصب وفقدان ثقتهم بأنظمتهم الداعمة له، وغيره الكثير، كما ذكرنا في كلمة "إعادة نظر في موقفنا من طوفان الأقصى".

لكن المخذِّل كأنه يغفل أو يتغافل عن هذا كله!

3. ثم ماذا لو حصلت هذه الخسائر والتضحيات بمبادرة من العدو وتلقينا الضربة بدون أي ثمن؟ بدون أي تنكيل في العدو ولا إفراجٍ عن أي أسير؟ ماذا لو كان العدو هو مالك زمام المبادة بالهجوم وتحققت نفس النتائج من قتل وهدم؟ وهل كان المسلمون بمنأى عن إجرام أعدائهم في أيٍّ من المذابح السابقة في غزة وفي غيرها من بقاع العالم؟

4. ليس الفرح هو بفكاك الأسرى فحسب، بل برضوخ العدو خاسئاً مغتاظاً وإجباره على ذلك، مما لم تفعله جيوش ميزانياتها مئات المليارات من أموال المسلمين للأسف.

وإغاظة العدو وإرغامُه وكسرُ إرادته وإظهار ضعفه فيه من الخير ما لا يخفى على عاقل.

5. يجب ألا ننسى أن أعداء الله لشدة غيظهم فإنهم سيحاولون التقليل من شأن هذا الانتصار عليهم. وبالتالي فمتوقع جداً أن ينشطوا - بحسابات وهمية وبأسماء إسلامية - في السخرية من هذا النصر والتقليل من شأنه.

لا نقول أن كل من يقلل من شأن هذا النصر مدسوس بطبيعة الحال، لكن ننبه إلى الحذر من هذا الأمر المتوقع جدا. ولدى أعداء الله كتائب إلكترونية خاصة للتخذيل والتثبيط كما بين "المخبر الاقتصادي" بالبراهين.

ولا ننسى أن هناك من صهاينة العرب من سوف يستميت في تحقير هذا الإنجاز لأنه يكشف سوءة الذين لا يسعون أبداً لفك أسرى المسلمين، بل يأسرونهم في بلادهم وينكلون بهم !

6. طيب وماذا إذا عاد العدو فاعتقل أخواتنا لا قدر الله؟

الذي ذاق لوعة السجن والبعد عن الأحباب يعلم حلاوة شيء من الفرَج وإن قصُر. ثم لو أن كل من يسعى في التفريج عن الأسرى يفكر بهذه الطريقة لما سعى في التفريج عنهم أحد!

وإذا غدر أعداء الله فسيزداد ظهور شرهم وخبثهم وتزداد عداوة الناس لهم وتتجدد في نفوس المؤمنين دواعي الثأر والسعي للتحرير من جديد. ونسأل الله أن يقي المحررات كيد أعداء الله هؤلاء.

7. وأهم من كل ما سبق: تذكروا رحمكم الله أن من توفي من إخواننا في غزة صابراً محتسباً لم يفنَوا ولم يخسروا، بل هم إن شاء الله (أحياء عند ربهم يرزقون). ومن لا زال يعاني منهم فإنا نرى رحمات االله تتنزل عليه تُصَبِّره، ونرى نفوسهم طابت بالتضحية في سبيل االله. فبأي حق نعترض على صفقة دفعوا هم ثمنها؟!

فلا تلتفتوا لمن يقلل من شأن الفرحة بإطلاق أخواتنا الأسيرات.

نسأل الله أن ينصر أهلنا على أعدائهم، وأن يجعل ولاءهم خالصاً لله ولرسوله وللمؤمنين لا تشوبه شائبة موالاة لغيرهم، ويجعل قتالهم لتكون كلمة الله هي العليا وشريعته هي الحاكمة، وأن يعيننا على نصرتهم.

 

x

تعليقات