كتب توماس فريدمان أمس في
"نيويورك تايمز" يقول:
"لقد شعرت بالقلق منذ البداية
من أن إسرائيل شنت غزوها لغزة للقضاء على حماس دون وجود خطة لما يجب فعله بالقطاع
وشعبه في أعقاب أي انتصار. بعد أن أمضيت للتو أسبوعا في السعودية والإمارات أتتبع
نبض هذه الزاوية المهمة من العالم العربي، أشعر الآن بقلق أكبر".
يضيف: "اسمحوا لي أن ألخص
مخاوفي بهذه الطريقة: لأن حماس قامت ببناء شبكة أنفاق واسعة تحت غزة، فإن القوات
الإسرائيلية، في سعيها للقضاء على تلك المنظمة الإرهابية الشريرة، تضطر إلى تدمير
أعداد هائلة من المباني. إنها الطريقة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها قتل الكثير
من مقاتلي حماس وتجريد غزة من السلاح دون خسارة الكثير من جنودهم في النافذة
القصيرة التي تشعر إسرائيل أنها تمتلكها في مواجهة ضغوط الولايات المتحدة وحلفاء
آخرين لإنهاء الغزو".
يتابع: "في سعيها إلى تحقيق
أهدافها المتمثلة في تفكيك آلة حماس العسكرية والقضاء على كبار قادتها، قتلت
إسرائيل وأصابت الآلاف من المدنيين الأبرياء في غزة (..) وسوف ترث المسؤولية عن
كارثة إنسانية هائلة سوف تتطلب سنوات من التحالف العالمي لإصلاحها وإدارتها".
ثم أشار إلى "ما سيحدث في اليوم
التالي للحرب"، بافتراضه نهاية حكم حماس.
يقول: "من سيحكم غزة؟ هذا وحده
سؤال معقد، لكن المشكلة أعمق بكثير من سؤال مَن سيكون مسؤولا عن القانون والنظام
وتوفير الخدمات الأساسية. إذ أيا كان المسؤول، فسيتعين عليه إعادة بناء الحطام
الذي هو غزة وإنشاء اقتصاد فعال. وسيكون ذلك مسعى بمليارات الدولارات، وسيستغرق
عدة سنوات. ويمكنني أن أقول لكم بناءً على محادثاتي هنا، لن تأت أي دولة خليجية
عربية (ناهيك عن دول الاتحاد الأوروبي أو الكونجرس الأمريكي) إلى غزة بأكياس من
المال لإعادة إعمارها ما لم يكن - وحتى هذا ليس أمرا مؤكدا - لدى إسرائيل شريك
فلسطيني شرعي وفعال وتلتزم بالتفاوض في يوم من الأيام على حل الدولتين. وأي مسؤول
إسرائيلي يقول غير ذلك فهو واهم".
يضيف: "الشيء الأكثر تفاؤلا
الذي يمكنني نقله من الرياض، ومن التحدث مع المسؤولين الأمريكيين في واشنطن قبل
وصولي، هو أنه عندما تنتهي الحرب في غزة، تظل السعودية ملتزمة من حيث المبدأ
باستئناف المفاوضات التي كانت جارية قبل 7 أكتوبر. كان المفاوضون يناقشون صفقة
كبرى تدخل بموجبها الولايات المتحدة في معاهدة أمنية مع السعودية، وفي الوقت نفسه،
ستقوم السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة أن تلتزم إسرائيل بخطوات محددة
للعمل مع السلطة الفلسطينية نحو تحقيق حل الدولتين. ولكن بقي لدي انطباع قوي
للغاية هنا بأن السعوديين يريدون من الأمريكيين إنهاء الحرب في غزة في أقرب وقت
ممكن، لأن الموت والدمار في غزة يؤدي إلى تطرّف سكانهم الشباب؛ في حين أنها تخيف
المستثمرين الأجانب وتعرقل بشكل عام ما تريد السعودية التركيز عليه: رؤية 2030
لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحويل البلاد، من التعليم إلى البنية التحتية إلى
تمكين المرأة".
يتابع: "وفي حين أن القادة هنا
ليسوا متعاطفين على الإطلاق مع حماس، ولن يحزنوا على اختفاء الجماعة للحظة واحدة،
إلا أنهم يشكّكون في قدرة إسرائيل على القضاء على عليها إلى الأبد، ويشعرون بالقلق
من أن الضرر الذي يلحق بغزة، في محاولتها القيام بذلك، سوف يؤدي إلى تفاقم المشكلة".
هنا يعترف فريدمان بأنه
"يفهم"؛ بحسب تعبيره "لماذا سيكون من الصعب على حكومة إسرائيلية
معتدلة أن تلتزم بإحياء هذا الحوار السعودي الأمريكي الإسرائيلي الفلسطيني في
الوقت الحالي، ناهيك عن مجموعة المتعصّبين الذين يديرون إسرائيل حاليا، والملتزمون
بضم الضفة الغربية. وأكثرهم جنونا ينظرون بشوق حتى إلى إضافة غزة".
ويعقّب على ذلك بالقول: "ولكن
إذا لم تتوصّل إسرائيل إلى رؤية سياسية طويلة الأمد لإغراء العالم بمساعدتها في
تمويل إعادة بناء غزة، فإنها سوف تتعرّض لكثير من الأذى الدبلوماسي والاقتصادي.
وقد تتحوّل غزة في نهاية المطاف إلى جرح كبير في الصدر يرهق إسرائيل عسكريا
واقتصاديا ومعنويا، ويأخذ راعيتها القوة العظمى الولايات المتحدة في الرحلة".
وعن مواقف دول "اتفاقات
أبراهام"، ويضيف لها السعودية، يقول:
"لقد سئم هؤلاء القادة من القول
بأن عليهم تأجيل أولوياتهم وتركيز طاقتهم واهتمامهم ومواردهم على القضية
الفلسطينية. ولكن في الوقت نفسه، فإنهم مرعوبون حقا من الخسائر المدنية في غزة.
وفي الوقت نفسه، فإنهم يدركون تمام الإدراك الفساد وعدم الكفاءة العامة للسلطة
الفلسطينية. وفي الوقت نفسه أيضا، فإنهم يكرهون فروع جماعة الإخوان المسلمين مثل
حماس ويفهمون كيف يحاول المتعاطفون معها (..) استخدام صور الأطفال القتلى في غزة
على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج مشاعر المواطنين
العرب".
(نقلاً عن صفحة ياسر الزعاترة)
تعليقات
إرسال تعليق